للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولهم: "إنه يفضي إلى تعذر الأحكام" ليس كذلك، فإن العامي يرجع إلى البراءة الأصلية، واستصحاب الحال، كما قلتم في المجتهد إذا لم يجد قاطعًا١.

فصل: وذهب الجبائي٢ إلى أن خبر الواحد إنما يقبل إذا رواه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- اثنان، ثم يرويه عن كل واحد منهما اثنان إلى أن يصير في زماننا إلى حد يتعذر معه إثبات حديث أصلًا، وقاسه على الشهادة.

وهذا باطل بما ذكرناه من الدليل على قبول خبر الواحد.

ولا يصح قياسه على الشهادة؛ فإن الرواية تخالف الشهادة في أشياء كثيرة، وكذلك لا تعتبر الرواية في الزنى أربعة، كما يعتبر ذلك في الشهادة فيه٣.


= قال الطوفي -مضيفًا ردًا آخر-: "وتحرير الجواب عن الاعتراض المذكور: إما بما ذكرناه من منع كون القياس المذكور ظنيًّا، أو بمنع كون محل النزاع -وهو جواز التعبد بخبر الواحد- قطعيًّا بل هو اجتهادي فيثبت بدلالته الظنية كالقياس المذكور وغيره". "شرح مختصر الروضة جـ٢ ص١٣٢".
١ هذا رد على قولهم: "إن حالة الإفتاء حالة ضرورة، فلو كلفنا كل واحد بالاجتهاد لتعذرت الأحكام".
خلاصته: أن ذلك لا يفضي إلى تعذر الأحكام، فإن العامي إذا لم يصل إلى الحكم بناء على دليل، استطاع أن يرجع إلى البراءة الأصلية، وهي عدم التكليف.
هذا معنى كلامه، وفيه نظر، فإن العامي لا يعرف ذلك.
٢ هو: أبو علي: محمد بن عبد الوهاب بن سلام الجبائي البصري، رأس المعتزلة وشيخهم، من أشهر مؤلفاته: "تفسير القرآن" و"متشابه القرآن" توفي سنة ٣٠٣هـ. انظر: "الفرق بين الفرق ص١٨٣، فرق وطبقات المعتزلة ص٨٥".
٣ معنى كلام المصنف في هذا الفصل: أن أبا علي الجبائي يشترط في قبول خبر =

<<  <  ج: ص:  >  >>