للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستعظم الرواية عن سعد العوفي١ وقال: هو جهمي، امتحن فأجاب٢.

واختار أبو الخطاب: قبول رواية الفاسق المتأول، لما ذكرناه، وأن توهم الكذب منه كتوهمه من العدل؛ لتعظيمه المعصية وامتناعه منها، وهو مذهب الشافعي.

ولذلك كان السلف يروي بعضهم عن بعض، مع اختلافهم في المذاهب والأهواء٣.


١ هو: سعد بن محمد بن الحسن بن عطية بن سعيد العوفي، ضعيف، قال فيه الإمام أحمد: "جهمي" وقال: "ولم يكن هذا -أيضًا- ممن يستأهل أن يكتب عنه، ولا كان موضعًا لذاك" توفي سنة ٢٧٦هـ. انظر: تاريخ بغداد "٩/ ١٢٦".
٢ وعبارة أبي يعلى في العدة "٣/ ٩٤٨": "امتحن فأجاب قبل أن يكون ترهيب".
والجهمية: فرقة تنسب إلى "جهم بن صفوان" من الجبرية، وافق المعتزلة في نفي الصفات الأولية: ونفي عن الله -كل ما يوصف به خلقه: كالعلم والحياة، ويقول: إن الإنسان لا يقدر على شيء، وتنسب له الأفعال مجازًا، كما تنسب للجماد، ويقول بفناء الجنة والنار، وأن الإيمان هو المعرفة فقط، كما ينفي رؤية الله -تعالى- في الآخرة.
انظر: في عقيدة هذه الفرقة "الملل والنحل جـ١ ص٨٧".
٣ أرى أن تعليل ابن قدامة في قبول رواية الفاسق المتأول بالقياس على اختلاف السلف الصالح، غير مقبول، وهو قياس مع الفارق، فاختلاف السلف كانت له أسباب ومبررات مشروعة، مثل: اختلاف الرواية، أو عدم اطلاع البعض على الدليل أصلًا، وما إلى ذلك من الأسباب التي تذكر في بيان سبب الخلاف.
والذي نرجحه في هذه المسألة: عدم قبول رواية الفاسق، حتى لو كان متأولًا.
وما نقله المصنف عن الشافعي يخالف ما نقل عنه في الأم، حيث رأى عدم انعقاد النكاح بشهادة الفاسق "الأم ٥/ ٢٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>