للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشذ قوم فقالوا: لا يقبل مرسل الصحابي إلا إذا عرف بصريح خبره، أو بعادته أنه لا يروي إلا عن صحابي، وإلا فلا، لأنه قد يروي عمن لم تثبت لنا صحبته.

وهذا ليس بصحيح، فإن الأمة اتفقت على قبول رواية ابن عباس ونظرائه من أصاغر الصحابة مع إكثارهم، وأكثر روايتهم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مراسيل.

قال البراء بن عازب١: "ما كل ما حدثنا به عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سمعناه منه، غير أننا لا نكذب"٢.


= بلفظ: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو لم يسمع منه مباشرة، وإنما سمعه من صحابي آخر لم يسمه. كما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أصبح جنبًا فلا صوم له" ولما سئل عنه قال: رويته عن الفضل بن العباس.
وهو حجة عند جمهور العلماء، منهم: مالك، وأبو حنيفة، وأحمد في أشهر الروايتين عنه، وجمهور المعتزلة، وهو الذي رجحه الآمدي.
وقد حكى أبو الخطاب الإجماع على ذلك، وفيه نظر، فكيف ينقل الإجماع مع أن فيه خلافًا كما سيذكر المصنف وغيره.
انظر: الإحكام للآمدي "٢/ ١١٢" التمهيد "٣/ ١٣٤" الإحكام لابن حزم "١/ ١٤٣" إرشاد الفحول جـ١ ص٢٥٨ وما بعدها تحقيق الدكتور شعبان إسماعيل.
١ هو: البراء بن عازب بن حارث بن عدي، أبو عمارة الأنصاري الحارثي الخزرجي، صحابي جليل، شهد الخندق وما بعدها، توفي بالكوفة سنة ٧١هـ وقيل: ٧٢هـ.
انظر في ترجمته: "الاستيعاب ١/ ١٥٥، الإصابة ١/ ١٤٢".
٢ ذكره الآمدي "٢/ ١٧٩" بلفظ "ما كل ما نحدثكم سمعناه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولكن سمعنا بعضه، وحدثنا أصحابنا ببعضه".

<<  <  ج: ص:  >  >>