للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أكثر الحنفية: لا يقبل؛ لأن ما تعم به البلوى كخروج النجاسة من السبيلين يوجد كثيرًا، وتنتقض به الطهارة، ولا يحل للنبي -صلى الله عليه وسلم- أن لا يشيع حكمه؛ إذ يؤدي إلى إخفاء الشريعة، وإبطال صلاة الخلق، فتجب الإشاعة فيه، ثم تتوفر الدواعي على نقله، فكيف يخفى حكمه، وتقف روايته على الواحد؟!

ولنا: أن الصحابة -رضي الله عنهم- قبلوا خبر عائشة في الغسل من الجماع بدون الإنزال١، وخبر رافع بن خديج في المخابرة٢.

ولأن٣ الراوي عدل جازم بالرواية، وصدقه ممكن، فلا يجوز تكذيبه، مع إمكان تصديقه.

ولأن٤ ما تعم به البلوى يثبت بالقياس، والقياس مستنبط من الخبر وفرع له، فلأن يثبت بالخبر الذي هو أصل أولى.

وما ذكروه يبطل بالوتر، والقهقهة، وخروج النجاسة من غير السبيلين، وتثنية الإقامة، فإنه مما تعم به البلوى، وقد أثبتوه بخبر الواحد٥.


١ تقدم تخريجه.
٢ تقدم تخريجه والكلام على معنى "المخابرة" وهذا هو الدليل الأول للجمهور.
٣ هذا هو الدليل الثاني.
٤ هذا هو الدليل الثالث للجمهور.
٥ بعد أن ذكر أدلة الجمهور، وأدلة الحنفية، بدأ يرد عليهم ويناقشهم في هذه الأدلة فقال: إنهم قبلوا خبر الواحد فيما يعم به البلوى مثل: وجوب الوتر، وإبطال الوضوء بالقهقهة داخل الصلاة، واختاروا تثنية الإقامة في الصلاة، وأوجبوا الوضوء بخروج النجاسة من غير السبيلين، وكل ذلك مما تعم به البلوى، وقد أثبته الحنفية بخبر الواحد.
ثم رد على قولهم: "يجب إشاعة ما تعم به البلوى ... " بقوله: إنه -صلى الله عليه وسلم- =

<<  <  ج: ص:  >  >>