للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا القول يرجع إلى إبطال الإجماع؛ إذ لا يتصور قول الأمة كلهم في حادثة واحدة.

وإن تصوّر: فمن الذي ينقل قول جميعهم، مع كثرتهم وتفرقهم في البوادي والأمصار والقرى؟!

ولأن العامي ليس له آلة هذا الشأن١، فهو كالصبي في نقصان الآلة، ولا يفهم من عصمة الأمة عن الخطأ: إلا عصمة من تتصور منه الإصابة لأهليته.

والعامي إذا قال قولًا: علم أنه يقوله عن جهل، وليس يدري ما يقول.

ولهذا انعقد الإجماع على أنه يعصي بمخالفة العلماء، ويحرم عليه ذلك.

ولذلك ذم النبي -صلى الله عليه وسلم- الرؤساء الجهال الذين أفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا٢.

وقد وردت أخبار كثيرة بإيجاب المراجعة للعلماء، وتحريم الفتوى بالجهل والهوى٣.


= انظر: "آراء العلماء وأدلتهم في: شرح الكوكب المنير ٢/ ٢٥٢، شرح مختصر الروضة ٣/ ٣١ وما بعدها، العدة ٤/ ١١٣".
١ وهي أهليته للنظر والاجتهاد.
٢ يشير بذلك إلى الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم -أو لم يُبق عالمًا- اتخذ الناس رؤساء -وفي بعض الروايات رءوسًا- جهالًا، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا".
٣ مثل قوله تعالى: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣] =

<<  <  ج: ص:  >  >>