للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسويغ الخلاف، والأخذ بكل واحد من القولين فلو رجعوا إلى قول واحد صارت المسألة إجماعًا.

ولو لم يشترط انقراض العصر: لم يجز ذلك؛ لأنه يفضي إلى خطأ أحد الإجماعين١.

فإن قيل: لا نسلم تصور وقوع هذا، لكونه يفضي إلى خطأ أحد الإجماعين.

ثم إن سلمنا تصوره، فلا نسلم أن اختلافهم إجماع على تسويغ الخلاف، بل كل طائفة تقول: الحق معنا والأخرى مخطئة، وإنما سوّغت للعامي أن يستفتي كل أحد حتى لا يتحرّج، فإذا اتفقوا زال القول الآخر، لعدم من يفتي به.

الثالث٢: لا نسلم أن إجماعهم بعد الاختلاف إجماع صحيح.


= النبي -صلى الله عليه وسلم- أربعين وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكلٌّ سُنة، وهذا أحب إلي".
١ هذا هو الدليل الثاني لمذهب القائلين باشتراط انقراض العصر، خلاصته أنه لو لم يشترط انقراض العصر لما كان اتفاق المجمعين على أحد القولين في المسألة بعد اختلافهم فيها إجماعًا، إذ يلزم منه تعارض الإجماعين، وهو باطل، إذ إن اختلافهم في مسألة على قولين إجماع منهم على تسويغ الخلاف، فإذا رجعوا إلى أحد القولين واتفقوا عليه، صار ذلك إجماعًا على عدم تسويغ الخلاف، بل حصروا الحكم في أحد القولين، فصار الإجماع الثاني معارضًا للإجماع الأول، وتعارض الإجماعين باطل، لأن كلًّا منهما قاطع، والقواطع المعصومة لا تتعارض، لكن اتفاقهم على أحد القولين بعد اختلافهم في المسألة إجماع صحيح، ولا يلزم منه محال، وقد وقع، كاتفاق الصحابة على قتال مانعي الزكاة، وعلى أن الأئمة من قريش بعد اختلافهم فيهما وفي أمثالهما.
٢ الثالث من وجوه الاعتراض التي بدأها بقوله: "فإن قيل.." وكان على =

<<  <  ج: ص:  >  >>