للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثاله: أن يقول في المتيمم إذا رأى الماء في أثناء الصلاة: الإجماع منعقد على صحة صلاته ودوامها، فنحن نستصحب ذلك حتى يأتينا دليل يزيلنا عنه.

وهذا فاسد؛ لأن الإجماع إنما دل على دوامها حال العدم.

فأما مع الوجود: فهو مختلف فيه، ولا إجماع مع الاختلاف، واستصحاب الإجماع عند انتفاء الإجماع محال.

وهذا كما أن العقل دل على البراءة الأصلية بشرط عدم دليل السمع، فلا يبقى له دلالة مع وجود دليل السمع، وهذا لأن كل دليل يضاده نفس الخلاف، لا يمكن استصحابه معه، والإجماع يضاده نفس الخلاف.

والعموم، والنص، ودليل العقل، لا يضاده نفس الاختلاف، فلذلك صح استصحابه معه٤.


= مذهب الحنابلة، كان جليل القدر، كثير الرواية، حسن الكلام في الأصول والفروع توفي سنة "٣٦٩هـ" "شذرات الذهب ٢/ ٦٨٣".
٤ حاصل ذلك: أن القائلين بحجية هذ النوع من الاستصحاب يقولون إن الحكم الثابت قبل الخلاف بالإجماع، حاصل في كل متحقق دوامه، فيكون هذا الحكم دائم الثبوت، وهو المطلوب.
وأجاب عنه المصنف بأن الأصل في كل متحقق دوامه، ما لم يوجد ما ينافيه، ومن المعلوم أن الخلاف الذي حدث ينافي الإجماع الأول، فلا يبقى الحكم مجمعًا عليه.
كما اعترض القائلون بحجيته: بأن استصحاب حال الإجماع المذكور، يقاس على اللفظ العام، في أنه يصير حجة بعد التخصيص.
فأجاب المصنف: بأن هذا القياس مع الفارق، وبيانه: أن الإجماع في صورة التيمم، إنما حصل حال عدم الماء، أما حال وجوده فهو مختلف فيه، والخلاف =

<<  <  ج: ص:  >  >>