للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه لو أسقط الدليل عن النافي: لم يعجز المثبت عن التعبير عن مقصود إثباته بالنفي فيقول: بدل قوله: "مُحدَث": "ليس بقديم" وبدل قوله: "قادر": "ليس بعاجز"١.

وقولهم: "إن المدعى عليه الدين لا دليل عليه": عنه أجوبة٢:

أحدها: المنع؛ فإن اليمين دليل، لكنها قصرت عن الشهادة، فشرعت عند عدمها، واختصت بالمنكر؛ لرجحان جانبه باليد التي هي دليل الملك.


١ من أول قول المصنف "ولنا" إلى هنا عبارة عن أدلة للقائلين بأن النافي يلزمه الدليل، وهي دليل نقلى، وآخر عقلي من وجهين:
الدليل الأول: أن الله -تعالى- ألزم النافي الدليل في مقام المناظرة، وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم- بمطالبة اليهود والنصارى بدليل على دعواهم النفي -كما في الآية الكريمة-.
الدليل الثاني: من وجهين:
الأول: عبارة عن عدة احتمالات توجه للنافي: هل ما تدعيه من علم أو شك، فإن كان عن شك فلا يطلب بدليل، لأنه معترف بجهله وعدم معرفته، وإن ادعى العلم، فيقال له: هل هو عن نظر واجتهاد، أو تقليد، فإن كان عن نظر وجب بيانه، وإن كان عن تقليد فلا يفيده، لأن الخطأ على المقلد جائز.
الوجه الثاني: أن نافي الحكم لو لم يلزمه الدليل لضاع الحق بين الخصمين وتعطل؛ لأن كلًّا من الخصمين يمكنه أن يعبر عن دعواه بعبارة نافية، فيقول المدعي لحدوث العالم: "ليس بقديم" ويقول المدعي لقدمه: "ليس محدث" وإذا أسقط الدليل عنهما ضاع الحق، وعمت الجهالة. انظر: شرح المختصر "٣/ ١٦٥".
٢ هذه أجوبة على دليل أصحاب المذهب القائل: بأنه لا يطالب بإقامة الدليل على النفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>