للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني أنا نعلم -بإجماع الأمة قبلهم- على أن العالم ليس له الحكم بمجرد هواه وشهوته من غير نظر في الأدلة.

والاستحسان من غير نظر حكم بالهوى المجرد، فهو كاستحسان العامي، وأي فرق بين العامي والعالم غير معرفة الأدلة الشرعية، وتمييز صحيحها عن فاسدها؟

ولعل مستند استحسانه وهم وخيال، إذا عرض على الأدلة لم يحصل منه طائل.

روي عن الشافعي -رحمه الله- أنه قال: "من استحسن فقد شرع"١.

ولما بعث معاذ إلى "اليمن" لم يقل: إني أستحسن، بل ذكر الكتاب والسنة والاجتهاد فقط.

وأما اتباع أحسن ما أنزل إلينا من ربنا: فواجب، فليبينوا أن هذا أنزل إلينا، فضلًا عن أن يكون من أحسنه.

والخبر٢ دليل على أن الإجماع حجة، ولا خلاف فيه.

ثم يلزمهم استحسان العوام والصبيان، فإن فرقوا بأنهم ليسوا أهلًا للنظر، قلنا: إذا كان لا ينظر في الأدلة، فأي فائدة في أهلية النظر؟

وما استشهدوا به من المسائل: لعل مستند ذلك: جريانه في عصر النبي -صلى الله عليه وسلم- وتقريره عليه، من معرفته به؛ لأجل المشقة في تقدير الماء


= سمعيًا آحادًا، لكن الآحاد لا تفيد في هذا الباب، لأنها إنما تفيد ظنًّا ما، والاستحسان أصل قوي، فلا يثبت بمثل ذلك".
١ الرسالة ص٥٠٧، والأم "٧/ ٢٧٠".
٢ أي: "ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن".

<<  <  ج: ص:  >  >>