للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك لم يشرع المثلة، وإن كانت أبلغ في الردع والزجر، ولم يشرع القتل في السرقة وشرب الخمر.

فإذا ثبت حكمًا لمصلحة من هذه المصالح لم يعلم أن الشرع حافظ على تلك المصلحة بإثبات ذلك الحكم، كان وضعًا للشرع بالرأي، وحكمًا بالعقل المجرد، كما حكي أن مالكا قال: "يجوز قتل الثلث من الخلق لاستصلاح الثلثين".

ولا نعلم أن الشرع حافظ على مصلحتهم بهذا الطريق، فلا يشرع مثله.


=
٢- روي عن الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- أنه جوز تخصيص بعض الأولاد بالهبة لمعنى يقتضي التخصيص؛ مثل: اختصاصه بحاجة أو زمانة، أو عمي، أو كثرة عائلة، أو اشتغاله بطلب العلم، أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه، أو بدعته، أو لكونه يستعين بما أخذه على معصية الله، أو ينفقه فيها. المغني "٦/ ٢٦٥".
٣- وجاء في كشاف القناع "٢/ ١٧٧": "وضمان العهدة صحيح عند جماهير العلماء؛ لأن الحاجة تدعو إلى الوثيقة.... ثم قال: ولأنه لو لم يصح لامتنعت المعاملات مع من لم يعرف، وفيه ضرر عظيم رافع لأصل الحكمة التي شرع البيع من أجلها".
وينبغي أن يكون معلومًا أن ما يقوله جمهور العلماء في الأخذ بالمصالح المرسلة، إنما هو حدود ما تشهد له الشريعة في الجملة بالاعتبار، ما لم يخالف نصًّا أو إجماعًا، وهذا يخالف ما ذهب إليه الإمام الطوفي -رحمه الله تعالى- من اعتبار المصلحة، حتى ولو خالفت نصًّا أو إجماعًا، وهذا الرأي منه مخالف لما عليه أهل العلم، سلفًا وخلفًا، لأن مذهبه هذا يتعدى حدود المصالح المرسلة، إلى العمل بالمصالح التي ألغاها الشارع، وهو مرفوض تمامًا، ولا أحد يوافقه عليه، لأن المصلحة دائمًا مع الدليل الشرعي، ولا كلام في ذلك. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>