للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قال: "أكرموا العلماء" وأراد الفقراء: لم يكن هذا بلسانهم، وإن كان اللفظ المنقول إليه عربيًّا.

والثاني: أنه لو فعل ذلك: للزمه تعريف الأمة ذلك بالتوقيف١.

وهذا ليس بصحيح٢؛ فإن ما تصوره الشرع من العبادات ينبغي أن يكون لها أسام معروفة، لا يوجد ذلك في اللغة إلا بنوع تصرف، إما النقل، وإما التخصيص. وإنكار أن الركوع والسجود والقيام والقعود الذي هو ركن الصلاة منها: بعيد حدًّا٣.

وتسليم أن الشرع يتصرف في ألفاظ اللغة بالنقل تارة، والتخصيص أخرى -على مثال تصرف أهل العرف- أسهل وأولى مما ذكروه؛ إذ للشرع عرف في الاستعمال كما للعرب.

وقد سمى الله -تعالى- الصلاة إيمانًا بقوله -تعالى-: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} ٤.

وهذا لا يخرج هذه الأسامي عن أن تكون عربية -كما قلنا في


١ هذا هو الدليل الثاني لهم. خلاصته: أن الشارع لو وضع للمعاني الشرعية أسماء، لوجب أن تعرف الأمة ذلك بطريق التوقيف علي هذه المعاني، أما وأنه لم يعرّفهم ذلك فلا يكون الشرع قد وضع للمعاني الشرعية أسماء وضعًا مستقلًّا.
٢ هذا رد على الدليلين السابقين.
٣ ومع بعده، فإنه مخالف لما قاله العلماء في الفرق بين الشرط والركن. فالركن: ما يتوقف عليه وجود الشيء، وكان جزءًا من حقيقته، كالركوع والسجود، أما الشرط: فهو ما يتوقف عليه وجود الشيء وكان خارجًا عن حقيقته، كالوضوء فإنه شرط لصحة الصلاة، لكنه ليس داخلًا في حقيقتها، بل هو خارج عنها.
٤ سورة البقرة من الآية: ١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>