للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحده بعضهم: بأنه: إرادة الفعل بالقول على وجه الاستعلاء.

قالوا: لأن الصيغة مترددة بين أشياء، فلا ينفصل الأمر منها مما ليس بأمر إلا بالإرادة.

ولأن الصيغة إن كانت أمرا لذاتها: فهو باطل بلفظ التهديد، أو لتجردها عن القرائن، فيبطل بكلام النائم والساهي.

فثبت أن المتكلم بهذه الصيغة على غير وجه السهو غرضه: المأمور به، وهو نفس الإرادة ولنا: أن الله أمر إبراهيم –عليه السلام- بذبح ولده، ولم يرده منه وأمر أبليس بالسجود، ولم يرده منه؛ إذ لو أراده لوقع؛ فإن الله -تعالى- فعال لما يريد.

دليل ثان: أن الله -تعالى- أمر بأداء الأمانات بقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} ١.

ثم لو ثبت أنه لو قال: "والله لأؤدين أمانتك إليك غدا إن شاء الله" فلم يفعل: لم يحنث٢؛ فإن الله -تعالى- قد شاء ما أمره به من أداء أمانته.


= {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا....} [السجدة: ١٣] . وهذا ما عليه أهل السنة والجماعة.
أما المعتزلة فقالوا: إنه لا يكون أمرا إلا بإرادة وقوعه. فأدى بهم ذلك إلى القول: بأن معصية العاصي ليست بمشيئة الله تعالى؛ لأنه أمر بتركها، ولم يرد إلا التزام الذي أمر به، لأن الأمر لا يكون أمرا إلا بالإرادة.
وقد رد المصنف على اتجاه المعتزلة كما سيأتي قريبا.
١ سورة النساء من الآية: ٥٨.
٢ في الأصل "يجب" وصححناه من النسخة التي حققها الدكتور "النملة" -سلمه الله-.

<<  <  ج: ص:  >  >>