للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض المعتزلة: يقتضي الندب؛ لأنه لا بد من تنزيل الأمر على أقل ما يشترك فيه الوجوب والندب وهو: طلب الفعل واقتضاؤه، وأن فعله خير من تركه، وهذا معلوم، أما لزوم العقاب بتركه فغير معلوم، فيتوقف فيه١.

ولأن الأمر طلب، والطلب يدل على حسن المطلوب لا غير، والمندوب حسن، فيصح طلبه، وما زاد على ذلك درجة لا يدل عليها مطلق الأمر، فيحمل على اليقين.

وقالت الواقفية: هو على الوقف، حتى يرد الدليل ببيانه؛ لأن كونه موضوعا لأحد الأقسام: إما أن يعلم بنقل أو عقل، ولم يوجد أحدهما، فيجب التوقف فيه٢.

ولنا: ظواهر الكتاب، والسنة، والإجماع، وقول أهل اللسان:


= حمله خصوصية الندب، أو الوجوب على الدليل؛ لأنهما مشكوك فيهما، فلا يحمل عليهما بالشك، ولأن جواز الإقدام هو القدر المشترك بين الثلاثة، فليكن الأمر حقيقة فيه، وهو الإباحة؛ دفعا للمجاز والاشتراك".
١ تقرير ذلك: أن الأمر ورد تارة للوجوب وتارة للندب، فلو جعل حقيقة في أحدهما كان مجازا في الآخر، ولو جعل حقيقة فيهما لزم الاشتراك، وكلاهما خلاف الأصل، فوجب جعله حقيقة في القدر المشترك بينهما، وهو مطلق رجحان الفعل.
وأما العقاب على الترك: فينتفي بالاستصحاب، أي: استصحاب عدمه، وهو كون الأصل: براءة الذمة منه.
انظر: شرح الطوفي "٢/ ٣٦٦.
٢ وحجتهم: إبطال أدلة المخالفين والقدح فيها، فيجب التوقف.

<<  <  ج: ص:  >  >>