للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن سلمنا: فالنهي آكد٦.


= "المغني" فقال: "وجملة ذلك: أن أكل لحم الإبل ينقض الوضوء على كل حال، نيئًا ومطبوخًا، عالمًا كان أو جاهلًا، وبهذا قال جابر بن سمرة ومحمد بن إسحاق وأبو خيثمة ويحيى بن يحيى وابن المنذر، وهو أحد قولي الشافعي.
قال أبو الخطاب: ذهب إلى هذا عامة أصحاب الحديث.
وقال الثوري ومالك والشافعي وأصحاب الرأي: لا ينقض الوضوء بحال؛ لأنه روي عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "الوضوء مما يخرج، لا مما يدخل" أخرجه الدراقطني والبيهقي وغيرهما.
وروي عن جابر قال: "كان آخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ترك الوضوء مما مست النار" أخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي. "المغني ١/ ٢٥٠-٢٥١ تحقيق الدكتور عبد الله التركي والدكتور عبد الفتاح الحلو".
٦ قوله: "وإن سلمنا: فالنهي آكد" هذا رد على قياس الأمر على النهي في قول الفقهاء والمتكلمين: "ولأن النهي بعد الأمر يقتضي ما كان مقتضيًا له، فكذلك الأمر" فأجاب المصنف على ذلك بجوابين.
أحدهما: عدم التسيلم بأن النهي بعد الأمر يفيد ما كان يفيده قبل النهي.
الجواب الثاني: لو سلمنا -جدلًا- بأنه يفيد ما كان يفيده قبل النهي، فلا يصح قياس الأمر عليه لأمرين:
الأول: أن حمل النهي على التحريم يقتضي الترك وهو الأصل، لأن الأصل عدم الفعل، وحمل الأمر على الوجوب يقتضي الفعل، وهو خلاف الأصل.
الأمر الثاني: أن النهي لدفع المفسدة المتعلقة بالمنهي عنه، والأمر لجلب المصلحة، ولا شك أن دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح. وهذا كله يندرج تحت قول المصنف: "فالنهي آكد".

<<  <  ج: ص:  >  >>