للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتحقيقه: أنه لو قال: لا تفعل مرة واحدة: اقتضى العموم.

ولو قال: افعل مرة واحدة: اقتضى التخصيص بلا خلاف١.

وقولهم: "إن الأمر بالشيء نهي عن ضده".

قلنا: إنما هو نهي عما يعقب الامتثال، فكان النهي مقيدًا بزمن امتثال الأمر٢.

وقولهم: "إن الأمر يقتضي الاعتقاد على الدوام".

قلنا: يبطل بما لو قال: افعل مرة واحدة.

والفرق بين الفعل والاعتقاد: أن الاعتقاد: ما وجب بهذا الأمر، إنما وجب بإخباره أنه يجب اعتقاد أوامره، فمتى عرف الأمر، ولم يعتقد وجوبًا: كان مكذبًا. وقولهم: "إن الحكم يتكرر بتكرار العلة، فكذا الشرط"٣.


١ خلاصته: أن الأمر يقتضي فعل المأمور به، وهذا يحصل بفرد من أفراد المأمور به، في أي زمن كان، فإذا قال له: "صل" حصلت الصلاة بصلاة واحدة، أما النهي: فإنه يقتضي ترك ماهيته مطلقًا، وذلك لا يتحقق إلا بتركها في كل زمان.
٢ وضحه الشيخ ابن بدران فقال: "وحاصل ما ذكره: أن اقتضاء النهي للأضداد دائمًا إنما هو فرع على تكرار الأمر، وذلك لأن النهي بحسب الأمر، فإذا كان أمرًا بالفعل دائمًا، كان نهيًا عن أضداده، وإذا كان أمرًا به في وقت كان نهيًا عن الأضداد في ذلك الوقت، فإذًا: كونه النهي الذي تضمنه الأمر للتكرار فرع كون الأمر للتكرار، فإثباته به دور. فقول المصنف: "إنما هو نهي عما يعقب الامتثال" إشارة إلى أن النهي مفرع على الأمر، فإذا كان الأمر مقيدًا، كان النهي مقيدًا، وإذا كان عاما، كان عاما" نزهة الخاطر "٢/ ٨٤".
٣ قوله: "إن الحكم يتكرر بتكرر العلة" ليس على الإطلاق، بل قد تكرر العلة ولا يتكرر الأمر، كمن بال عدة مرات، ولم يتوضأ، فعليه وضوء واحد، وكذلك من =

<<  <  ج: ص:  >  >>