للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أكثر الشافعية: هو على التراخي١؛ لأن الأمر يقتضي فعل المأمور لا غير، أما الزمان: فهو لازم الفعل، كالمكان والآلة والشخص، فيما إذا أمره بالقتل، فلا يدل على تعيين الزمان، كما لا يدل على تعيين المكان والآلة.

ولأن الزمان في الأمر إنما حصل ضرورة، والضرورة تندفع بأي زمان كان فالتعيين تحكم٢.

ويعتضد هذا بالوعد واليمين، لو قال: "سوف أفعل" فمتى فعل. كان صادقًا، وكذا اليمين.

وقالت الواقفية: هو على الوقف في الفور والتراخي، والتكرار وعدمه.

وهو بيّن البطلان؛ فإن المبادر ممتثل بإجماع الأمة، مبالغ في


١ أي: جوازًا كما تقدم في كلام الإسنوي.
٢ هذا دليل القائلين بأن الأمر المطلق للتراخي، وهو من عدة وجوه:
الأول: أن الأمر يقتضي فعل الماهية المجردة، ولا يدل على غيرها من زمان ومكان، فإذا قلنا: إنه يدل على الفور، فقد زدنا فيه ما ليس منه، والزيادة عليه كالنقص منه، وكلاهما لا يجوز.
الثاني: أنه نسبة الفعل إلى جميع الأزمنة سواء؛ لعدم دلالة اللفظ على بعضها دون بعض، ولصحة وقوعه في أي زمن منها، وإذا استوت نسبة الفعل إلى جميعها، كان تخصيصه بالفور تحكمًا، وترجيحًا بدون مرجح.
الثالث: "أن تعلق الزمان بالفعل" أي: احتياج الفعل إلى الزمان ضروري، أي: لضرورة أن الفعل يمتنع وقوعه في غير زمان، وإذا كان تعلق الزمن به لهذه الضرورة، فهي تندفع بإيقاعه في أي زمن كان، تقدم أو تأخر، وهذا يدل على أن الفور لا يتعين، وأن التأخير جائز.
الرابع: أن الزمان من لوازم الفعل، لا ينفك عنه، كما أن المكان، والآلة، =

<<  <  ج: ص:  >  >>