للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم لا ينفعكم تسميته بدلًا، مع كون الفعل واجبًا، فما الذي يسقط وجوب الفعل ويقوم مقامه؟

فإن قيل: هذا يبطل بما إذا قال: "افعل أي وقت شئت، فقد أوجبته عليك" فإنه لا يتناقض.

قلنا: يتناقض؛ إذ حقيقة الواجب: ما لا يجوز تركه مطلقًا، وهذا جائز الترك مطلقًا.

وقولهم١: "إن الأمر لا يتعرض للزمان" فهي مطالبة بالدليل، وقد ذكرناه٢.

والفرق بين الزمان، والمكان، والآلة: أن عدم التعيين في الزمان يفضي إلى فواته، بخلاف المكان.

ولأن المكانين سواء بالنسبة إلى الفعل، والزمان الأول أولى، لسلامته فيه من الحظر، والخروج من العهدة يقينًا، فافترقا٢.


١ أي: القائلون بأن الأمر يفيد التراخي.
٢ وهو: أن تعلق الفعل بالزمان ضروري عقلًا، لاستحالة وقوعه في غير الزمان وكذلك شرعًا: فقد يتعلق به مصلحة يختار الشرع إيقاعه في بعض الأزمنة دون بعض، لأجل هذه المصلحة، فلا يكون تعلقه بالفعل حينئذ ضروريًا، بل اختياريًا.
انظر: شرح الطوفي "٢/ ٣٩٣-٣٩٤".
٣ معناه: أن العبد الذي أمره سيده بأن يسقيه: لو أخر امتثال أمر سيده، جاز له عقوبته، ولو فعل ما أمر به في غير مكان الأمر، لم يجز له عقوبته، فبان الفرق بين الزمان والمكان.

<<  <  ج: ص:  >  >>