للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما عاتبه في تحريم ما أحل الله ما أحل الله له١، قال -عقيبه-: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} ٢.

وابتدأ الخطاب بمناداته وحده، ثم تممه بلفظ الجمع بقوله: {ياَ أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ..} ٣. وهذا يدل على أن حكم خطابه لا يختص به.


١ في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} .
٢ سورة التحريم من الآية: ٢.
وقد اختلف العلماء في سبب نزول ذلك على أقوال كثيرة، أشهرها -كما قال الواحدي والقرطبي- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان في بيت حفصة، فزارت أباها، فلما رجعت أبصرت مارية في بيتها مع النبي -صى الله عليه وسلم- فلم تدخل حتى خرجت مارية ثم دخلت، فلما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في وجه حفصه الغيرة، والكآبة قال لها: "لا تخبري عائشة ولك عليّ أن لا أقربها أبدًا" فأخبرت حفصة عائشة -وكانتا متصافيتين- فغضبت عائشة، ولم تزل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- حتى حلف أن لا يقرب مارية، فأنزل الله هذه السورة. "فتح القدير للشوكاني ٥/ ٢٨٧".
كما روى البخاري في كتاب التفسير، باب سورة التحريم، ومسلم في كتاب الطلاق، باب وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق، من حديث حفصة وعائشة أنهما قالتا للنبي -صلى الله عليه وسلم-: نشم منك رائحة مغافير "صمغ حلو له رائحة كريهة" قال: "لا، بل شربت عسلًا" -وكان قد شربه عند زينب بنت جحش- ولن أعود إليه" فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} .
قال الشوكاني في فتح القدير "٥/ ٢٩٠": "والجمع ممكن بوقوع القصتين:
العسل، وقصة مارية، وأن القرآن نزل فيهما جميعًا".
٣ مفتتح سورة الطلاق.
قال الشوكاني: "نادى النبي -صلى الله عليه وسلم- أولًا تشريفًا له، ثم خاطبه مع أمته، أو الخطاب له خاصة، والجمع للتعظيم، وأمته أسوته في ذلك". المصدر السابق ص٣٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>