للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكما أن من شرط القدرة: وجود المقدور، يجب أن يكون من شرط الأمر: وجود المأمور.

ولنا:

اتفاق الصحابة -رضي الله عنهم- والتابعين على الرجوع إلى الظواهر المتضمنة أوامر الله -سبحانه- وأوامر نبيه -عليه السلام- على من لم يوجد في عصرهم، لا يمتنع من ذلك أحد.

ولأنه قد ثبت أن كلام الله –تعالى- قديم، وصفة من صفاته، لم يزل آمرا ناهيًا.

وقال الله -تعالى-: {فَاتَّبِعُوه} ١ وهذا أمر باتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا خلاف أنا مأمورون باتباعه ولم نكن موجودين.

قولهم٢: "إن خطاب المعدومين محال".

قلنا: إنما يستحيل خطابه بإيجاد الفعل حال عدمه٣.

أما أمره بشرط الوجود: فغير مستحيل، بأن يفعل عند وجوده ما أمر به متقدمًا، كما يقول: الوالد يوجب على أولاده، ويلزمهم التصدق عنه إذا عقلوا وبلغوا، فيكون الإلزام حاصلا بشرط الوجود.


١ سورة الأعراف من الآية: ١٥٨ {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} وفي جميع النسخ: "فاتبعوه" وقد وردت في الآيتين: ١٥٣، ١٥٥ من سورة الأنعام. ولا تصلحان للاستشهاد هنا، حيث الضمير في الأولى يعود على صراط الله تعالى، وفي الثانية يعود على الكتاب. فتأمل ذلك.
٢ بدأ المصنف يناقش الأدلة التي تمسك بها المعتزلة ومن معهم.
٣ أي: حال عدم المأمور.

<<  <  ج: ص:  >  >>