للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولأن حكمها مقصود الآدمي، ومتعلق غرضه، فتمكينه منه حث على تعاطيه، والنهي منع من التعاطي ولا يليق ذلك بحكمة الشرع.

ثم لا فرق بين كون النهي عن الشيء لعينه، أو لغيره، لدلالة النهي على رجحان ما يتعلق به من المفسدة، والمرجوح كالمستهلك المعدوم.

وقولهم١: "إن النهي لا ينافي الصحة". قد بينا تناقضهما.

وإن سلمنا أنه لا ينافيه، لكن يدل على الفساد ظاهرًا، ويكفي ذلك.

وفي المواضع التي قضينا بالصحة٢، خولف فيه الظاهر، فلا يخرجه عن أن يكون الأصل ما ذكرناه، كما لو خولف مقتضاه في التحريم.

وقولهم: "إنه يدل على الصحة". بعيد جدًّا؛ فإنهم إذا لم يجعلوه دليلًا على الفساد مع قربه منه، كيف يجعلونه دليلًا على الصحة؟!

قولهم: "إنه يدل على التصور".


١ أي: أبو حنيفة ومن معه، حيث قالوا: "إن النهي يقتضي الصحة، لأن النهي يدل على التصور...." إلى آخر ما استدلوا به، وقد تقدم الرد عليه، كما قال المصنف في الدليل الرابع.
٢ مثل: الطلاق حال الحيض، فإن الطلاق يقع وإن كان مخالفًا للنهي.
قال المصنف في المغني "١٠/ ٣٢٤": "أجمع العلماء في جميع الأمصار، وكل الأعصار على تحريمه، ويسمى طلاق البدعة؛ لأن المطلق خالف السنة، وترك أمر الله -تعالى- ورسوله -صلى الله عليه وسلم- قال الله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنّ} [الطلاق: ١] وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء".
ثم قال: "فإن طلق للبدعة، وهو أن يطلقها حائضًا، أو في طهر أصابها فيه، أثم ووقع طلاقه، في قول عامة أهل العلم. قال ابن المنذر، وابن عبد البر: لم يخالف في ذلك إلا أهل البدع والضلال ... ".

<<  <  ج: ص:  >  >>