للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما الذي في الأذهان من معنى "الرجل" فيسمى "كليًّا"١، فإن العقل يأخذ من مشاهدة زيد: حقيقة الإنسان وحقيقة الرجل، فإن رأى عمرا: لم يأخذ منه صورة أخرى، وكان ما أخذه من قبل نسبته إلى عمرو الحادث، كنسبته إلى زيد الذي عهده أولًا.

فإن سمى عامًّا بهذا المعنى فلا بأس٢.


١ الكلي: هو ما لا يمنع نفس تصوره من وقوع الشركة فيه كالإنسان.
٢ وضح الطوفى -رحمه الله تعالى- مسألة كون العموم من عوارض الألفاظ أو المعاني، ومذاهب العلماء في ذلك فقال:
"وهذا البحث يوجد في أكثر كتب الأصوليين غير محقق، ووجه الكشف عنه: أنا إذا قلنا: هذا الشيء من عوارض هذا الشيء، أي: مما يعرض له ويلحقه، واشتقاقه من العَرَض، وهو المعنى الذي يذهب ويجيء، ولهذا سمي المال والمرض عرضًا؛ لأن كل واحد منهما يذهب ويجيء".
ثم قال: "والعرض في اصطلاح المتكلمين: هو ما لا يدخل في حقيقة الجسم ومفهومه، سواء كان لازمًا لا يفارق، كسواد الغراب، أو مفارقًا يذهب ويجيء كالحركة والسكون.
وبهذا المعنى قولنا: العموم من عوارض الألفاظ، أي: أنه يلحقها، وليس هو داخلًا في حقيقتها، وهو عرض لازم لما لحقه من الألفاظ لا ينفك عنه، وهو خاص ببعض الألفاظ، وهي التي وضعها الواضع لتدل على استغراق جميع ما وضعت له.
ومعنى قولنا: العموم من عوارض الألفاظ حقيقة، أي: أنه في الحقيقة لا يعرض إلا لصيغة لفظية، كالمسلمين والمشركين، ونحو ذلك من صيغه.... وإذا أضفنا العموم إلى المعاني، كقولنا: هذا حكم عام، وخصب عام، أو جدب عام، أو بلاء أو رخاء عام، وهذه مصلحة عامة، كان ذلك مجازًا، أي: لا يستحق المعنى بحسب الأصل أن يوصف بالعموم، إنما هو بحسب الاستعارة، إما من اللفظ، أو نظرًا إلى شمول مجموع أفراد المعنى المذكور لمجموع =

<<  <  ج: ص:  >  >>