للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.................................


= ملاعنتها، فإنه لا يجد غضاضة في ذلك، فيقول: قد لاعن من هو خير مني.... قالوا: لو لم يكن خاصًّا به فلم أخره إلى وقوع الحادثة؟
فأجاب عن ذلك: بأن تأخير بيان الحكم إلى وقوع السبب من متعلقات العلم الأزلي، ولا علة له، فهو سبحانه {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُون} لأن ذلك يجرنا إلى نقض الأحكام المبتدأة، فيقال: لم فرضت الصلاة سنة كذا، دون ما قبلها وما بعدها؟ ومثل ذلك يقال في الصوم والحج وهكذا.
ثم لعل في التأخير لطف ومصلحة للعباد، تدعو إلى الانقياد والطاعة، ولا يحصل ذلك بالتقديم أو التأخير.
ثم أجاب عن قولهم: إن الجواب يجب أن يكون مطابقًا للسؤال، بأن هذا ليس بلازم، بل اللازم أن يكون الجواب متناولًا لمحل السؤال، لكن لا يمنع أن يزيد عليه، كما سئل -صلى الله عليه وسلم- عن التوضؤ بماء البحر فأجاب عنه، وعن حل الميتة ولم تكن واردة في السؤال، حيث قال، صلى الله عليه وسلم: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته".
وبذلك تتهاوى شبه المخالفين، ويثبت: أن العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب.
وقد لخص الإمام الطوفي في الحجة على أن العبرة بعموم اللفظ في وجهين.
أحدهما: أن الحجة في لفظ الشارع لا في سببه، وإذا كان الأمر كذلك، وجب مراعاة اللفظ عمومًا وخصوصًا، كما لو ورد ابتداء على غير سبب، فلو سألت امرأة زوجها الطلاق، فقال: "كل نسائي طوالق" عمهن الطلاق مع خصوص السبب، ولو سأله جميع نسائه الطلاق، فقال: "فلانة طالق" اختص الطلاق بها، وإن عم السبب.
الوجه الثاني: أن أكثر أحكام الشرع العامة وردت لأسباب خاصة، كورود حكم الظهار في أوس بن الصامت، وحكم اللعان في شأن هلال بن أمية، فلو كان السبب الخاص يقتضي اختصاص العام به، لما عمت هذه الأحكام، لكنه باطل بالإجماع". انظر: شرح مختصر الروضة "٢/ ٥٠٣-٥٠٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>