للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال قوم: يصير مجازًا على كل حال١؛ لأنه وضع للعموم، فإذا أريد به غير ما وضع له كان مجازًا٢.

وإن لم يكن هذا هو المجاز فلا يبقى للمجاز معنى إذًا، ولا خلاف في أنه لو رد إلى ما دون أقل الجمع فقال: "لا تكلم الناس" وأراد "زيدًا" وحده كان مجازًا، وإن كان هو داخلًا فيه.

وقال آخرون٣: إن خص بدليل منفصل٤ صار مجازًا، لما ذكرناه٥، وإن خص بلفظ متصل٦ فليس بمجاز، بل يصير الكلام بالزيادة كلامًا آخر، موضوعًا لشيء آخر، فإنا نقول: "مسلم" فيدل على واحد، ثم نزيد الواو والنون، فيدل على أمر زائد، ولا نجعله مجازًا، ثم نزيد الألف والنون في "رجل" فيصير صيغة أخرى بالزيادة.

ولا فرق بين زيادة كلمة، أو زيادة حرف، فإذا قال: "السارق للنصاب يقطع" أو "يقطع السارق، إلا سارق دون النصاب" فلا مجاز فيه، بل مجموع هذا الكلام موضوع للدلالة على ما دل عليه، فقوله تعالى:


١ وهو مذهب الغزالي وجماعة من أصحاب الشافعي، وأصحاب أبي حنيفة كما في الإحكام للآمدي.
٢ قال أبو الخطاب في التمهيد "٢/ ١٣٩": "ووجه من ذهب إلى أنه يصير مجازًا: أن حد المجاز: استعمال الشيء في غير ما وضع له، ولفظ العموم يقتضي الاستغراق في أصل الوضع، فإذا استعمل في البعض صار مستعملًا في غير ما وضع له فصار مجازًا".
٣ وهو مروي عن القاضي أبي بكر الباقلاني وجماعة من الأصوليين.
٤ كالعقل والنقل.
٥ في قوله سابقًا: "لأنه وضع للعموم، فإذا أريد به غير ما وضع له كان مجازًا"
٦ كالشرط والاستثناء.

<<  <  ج: ص:  >  >>