للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أن الاستثناء إنما وجب رده إلى ما قبله، ضرورة أنه لا يستقل بنفسه، فإذا تعلق بما يليه: فقد استقل وأفاد، فلا حاجة إلى تعلقه بما قبل ذلك، فلا نعلقه به، وصار كالاستثناء من الاستثناء.

والثالث: أن الجملة مفصول بينها وبين الأولى، فأشبه ما لو حصل فصل بينهما بكلام آخر١.

وأدلتنا ثلاثة:

أحدهما: أن الشرط إذا تعقب جملًا: عاد إلى جميعها، كقوله "نسائي طوالق، وعبيدي أحرار إن كلمتُ زيدًا" فكذلك الاستثناء، فإن الشرط والاستثناء سيّان٢ في تعلقهما بما قبلهما وبغيرهما له، ولهذا يسمى التعليق بشرط مشيئة الله: استثناء، فما ثبت لأحدهما ثبت في الآخر.

فإن قيل: الفرق بينهما: أن الشرط رتبته التقديم، بخلاف الاستثناء. قلنا: إذا تأخر الشرط فلا فرق بينهما.

ثم إن كان متقدمًا: فلم لا يتعلق بالجملة الأولى، دون ما بعدها؟

فإذا تعلق بجميع الجمل -تقدم أو تأخر- وكذلك الاستثناء، فإنه


= للضرورة، وهي: أن الاستثناء لا بد وأن يكون متعلقًا بشيء آخر.
١ أي: أن الفصل بين الجمل بحرف العطف أشبه الفصل بكلام أجنبي.
٢ في جميع النسخ "شيئان" ولا معنى لذلك، فإن المقصود من هذا: أن الاستثناء كالشرط في أن كلًّا منهما يفتقر إلى ما تعلق به، فكما أن الشرط متعلق بمشروطه، ولا يستقل عنه، فكذلك الاستثناء، متعلق بالمستثنى منه، ولا يستقل بدونه، وإذا ثبت أن بين الشرط والاستثناء هذا الاشتراك الخاص، وجب أن يستويا في رجوع كل منهما إلى جميع الجمل التي قبله. انظر: شرح الطوفي "٢/ ٦١٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>