للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت مسلمة سميت قياسًا جدليًّا، وتسميتها قياسًا مجاز؛ إذ حاصله:

إدراج خصوص تحت عموم: والقياس تقدير شيء بشيء آخر١.

والبرهان على خمسة أضرب:

الأول٢: قولنا: كل نبيذ مسكر، وكل مسكر حرام، فيلزم منه أن كل نبيذ حرام ضرورة، متى سلمت المقدمتان؛ إذ كل عقل صدّق بالمقدمتين صدّق بالنتيجة مهما أحضرهما في الذهن.

ووجه دلالته: أنا جعلنا المسكر صفة للنبيذ، ثم حكمنا على الصفة بالتحريم، فبالضرورة يدخل الموصوف فيه. ولو بطل قولنا "النبيذ حرام" مع كونه مسكرًا، بطل قولنا: "كل مسكر حرام".


= المطعومات لزمكم الدليل، وما ذكرتموه من البر والشعير كل المطعومات.
١ قال الشيخ ابن بدران: "قوله: ولا يسمى برهانًا الخ: بيان للزوم النتيجة؛ لأن النتيجة لا تلزم من هذا القياس إلا إذا كانت المقدمتان مسلمتين يقينًا، إن كان المطلوب عقليًّا، أو ظنًّا إن كان المطلوب فقهيًا، لما ستعلمه من أن أدلة الفقه ظنية، وإن كانت المقدمتان مسلمتين سمي القياس جدليًّا، لكن تسمية ما ذكر قياسًا إنما هي تسمية مجازية؛ لأن القياس في أصل الوضع: تقدير شيء بشيء آخر، كتقدير الثوب بالذراع، وحاصل الأقيسة المصطلح عليها: إدراج خصوص تحت عموم، فالخصوص كقولنا: الخمر مسكر، واندراجه تحت العموم كقولنا: وكل مسكر حرام، إلا أن يقال: إن تسمية ذلك قياسًا حقيقة عرفية، وهذا هو الأولى: "نزهة الخاطر العاطر جـ١ ص٦٤-٦٥".
٢ لم يذكر المصنف اسم الضرب الأول، وإنما اكتفى بذكر المثال، وهو في عرف المناطقة يسمى: قياسًا اقترانيًّا وهو: الذي لا يذكر اللازم، أي النتيجة ولا نقيضه فيه بالفعل. والمثال الذي ذكره المصنف فيه تساهل في التعبير، حيث أدخل لفظ "كل" على النبيذ، وهو غير وارد في أسلوب المناطقة، ولذلك كان ابن الحاجب أدق منه حيث قال: "النبيذ مسكر، وكل مسكر حرام". انظر: بيان المختصر "١/ ٩٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>