١ معنى ذلك: أن المخالفين في رجوع الاستثناء إلى الجميع استدلوا بأن العموم ثابت في كل صورة بيقين، والاستثناء مشكوك فيه، والمتيقن لا يرفع المشكوك فأجاب المصنف عن ذلك: بأنه إن أرادوا أن التعميم مستيقن قبل تمام الكلام فهذا ممنوع، وإن أرادوا أنه متيقن بعد تمام الكلام، فالكلام لا يتم إلا بالاستثناء، وبعد الاستثناء لا يبقى العموم متيقنًا، حتى يكون رفعه بالشك ممنوعًا، إلا على قولهم: يتعلق بالجملة الأخيرة، ويبقى العموم فيما قبلها، وهذا هو محل النزاع. ٢ سورة المائدة من الآية "٨٩" وهي قوله تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} . ومحل الشاهل: أن قوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} راجع إلى الإطعام والكسوة وتحرير الرقبة. ٣ هذا رد لقولهم: "إن الاستثناء تعلق بما قبله للضرورة" وهو أنه لا يمكن أن يستقل بنفسه، فأجاب المصنف بأنه ليس للضرورة، وإنما لصلاحية تعلق ما قبله به، والجمل كلها صالحة لذلك التعلق.