للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالت طائفة منهم١، وأبو حنيفة٢: لا دلالة له، لأمور خمسة:

أحدها: أنه يحسن الاستفهام، فلو قال: "من ضربك عامدًا فاضربه" حسن أن تقول: "فإن ضربني خاطئًا هل أضربه؟ " ولو دل على النفي: لما حسن الاستفهام فيه كالمنطوق.

الثاني: أن العرب تعلق الحكم على الصفة مع مساواة المسكوت عنه٣، كقوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} ٤، {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ} ٥، {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} ٦ فالمسكوت -أيضًا- محتمل للمساواة وعدمها، فلا سبيل إلى دعوى النفي بالتحكم.


١ أي: من المتكلمين.
٢ وكذلك أصحابه، وأبو بكر الباقلاني، وابن سريج، والقفال، والشاشي، وجمهور المعتزلة. انظر: شرح الطوفي "٢/ ٧٢٥".
وقال أبو عبد الله البصري: إن كان ذلك قد ورد للبيان أو التعليم، دل على نفي الحكم في محل السكوت، وإلا فلا، المصدر السابق.
٣ العبارة فيها قصور، وعبارة الغزالي في المستصفى "٣/ ٤١٦": "المسلك الثالث: أنا نجدهم يعلقون الحكم على الصفة، تارة مع مساواة المسكوت عنه للمنطوق، وتارة مع المخالفة، فالثبوت للموصوف معلوم منطوق، والنفي عن المسكوت محتمل، فليكن على الوقف إلى البيان بقرينة زائدة، ودليل آخر.
أما دعوى كونه مجازًا عند الموافقة، حقيقة عند المخالفة، فتحكم بغير دليل، يعارضه عكسه من غير ترجيح".
٤ سورة النساء من الآية "٢٣".
٥ سورة النساء من الآية "١٠٢".
٦ سورة البقرة من الآية "٢٢٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>