للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما التعبد به شرعًا: فالدليل عليه:

إجماع الصحابة -رضي الله عنهم- على الحكم بالرأي في الوقائع الخالية عن النص.

فمن ذلك

حكمهم بإمامة أبي بكر -رضي الله عنها- بالاجتهاد مع عدم النص، إذ لو كان ثم نص لنقل، ولتمسك به المنصوص عليه١.

وقياسهم العهد على العقد، إذ عهد أبو بكر إلى عمر -رضي الله عنهما- ولم يرد فيه نص، لكن قياسًا لتعيين الإمام على تعيين الأمة٢.


= الجهل، فتقبح الحوالة على الجهل، بل إذا أمرنا الشارع بأمر فليعرفناه، لنكون على بصيرة: إما ممتثلون، وإما مخالفون" وقد رد المصنف على ذلك فقال: "والجواب عن هذا: إن صدر من مقر بالشرع فلا يتمكن منه؛ لأنه تعبد بالحكم بالشهادة، والعمل بالفتوى، والتوجه إلى الكعبة بالاجتهاد عند الاشتباه، وإنما يفيد الظن كما يفيد العمل بالمتواتر.... وإن صدر من منكر للشرع فيقال له: أي: استحالة في أن يجعل الله -تعالى- الظن علامة للوجوب، والظن مدرك بالحس فيكون معلومًا، فيقال له: إذا ظننت صدق الشاهد والرسول والحالف فاحكم به، ولست متعبدًا بمعرفة صدقه، بل بالعمل به عند ظن صدقه".
١ جاء في طبقات ابن سعد "٣/ ١٨٣": "عن وكيع بن الجراح عن أبي بكر الهذلي عن الحسن قال: قال علي: لما قبض النبي -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- نظرنا في أمرنا فوجدنا النبي -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- قد قدّم أبا بكر في الصلاة، فرضينا لدنيانا من رضي رسول الله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- لديننا، فقدمنا أبا بكر" وقد ذكره السيوطي في "تاريخ الخلفاء" ص٦٤، كما ذكره ابن قيم الجوزيه في "إعلام الموقعين" "١/ ٢٣٠".
٢ أي: أن الأصل في اختيار الإمام أن يكون بالبيعة، كما حدث لأبي بكر -رضي الله عنه- إلا أن أبا بكر -رضي الله عنه- عهد إلى عمر -رضي الله عنه- بالخلافة، قياسًا للعهد من الإمام على تعيين الأمة بعقد البيعة، وعهد أبي بكر إلى عمر =

<<  <  ج: ص:  >  >>