للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالرأي، ولو قدم إنسان القول بالسنة على ما هو أقوى منها١: كان مذمومًا.

وكذلك قول علي، رضي الله عنه٢.

وكل ذم يتوجه إلى أهل الرأي فلتركهم الحكم بالنص هو أولى، كما قال بعض العلماء٣:

أهل الكلام وأهل الرأي قد جهلوا ... علم الحديث الذي ينجو به الرجل

لو أنهم عرفوا الآثار ما انحرفوا ... عنها إلى غيرها لكنهم جهلوا

جواب ثانٍ:

أنهم ذموا الرأي الصادر عن الجاهل الذي ليس أهلًا للاجتهاد والرأي، ويرجع إلى محض الاستحسان، ووضع الشرع بالرأي، بدليل أن الذين نقل عنهم هذا هم الذين نقل عنهم القول بالرأي والاجتهاد٤.

والقائلون بالقياس مقرون بإبطال أنواع من القياس، كقياس أهل


١ وهو القرآن الكريم.
٢ وهو قوله: "لو كان الدين بالرأي: لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه".
٣ القائل هو: موسى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان، أبو مزاحم الخاقاني، كان عالمًا بالعربية، شاعرًا، من أهل بغداد، كما كان راوية مأمونًا. ولد سنة ٢٤٨هـ وتوفي سنة ٣٢٥هـ. "غاية النهاية ٢/ ٣٢٠، الأعلام ٨/ ٢٧٥". والبيتان أوردهما عنه الخطيب البغدادي "ت٤٦٣هـ" في كتابه: "شرف أصحاب الحديث" ص٧٩ تحقيق محمد سعيد خطيب أوغلي، نشر دار إحياء السنة النبوية.
٤ معناه: أن الذين نقل عنهم ذم الرأي والاجتهاد، هم الذين نقل عنهم القول بالرأي والاجتهاد -كما سبق- فلا بد من دفع هذا التعارض، وهذا إنما يكون بحمل الذم على الرأي الفاسد الذي لم تكتمل شروطه، أو المخالف للنص، أو الصادر من الجاهل.

<<  <  ج: ص:  >  >>