أحدهما: أن الحارث بن عمرو وثقه ابن حبان وإن كان ابن حبان تساهل في التوثيق له، فالحديث له شواهد ومؤيدات يعتضد بها، كحديث الصحيحين "إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر، وإذا اجتهد فأصاب فله أجران". قالوا: وليس في أصحاب معاذ بن جبل أحد مجروح، فكلهم عدول، وإذا كان الحارث موثقًا، وأصحاب معاذ كلهم عدول، فالحديث مقبول. وثانيهما: أن علماء المسلمين تلقوا هذا الحديث -خلفًا عن سلف- بالقبول وتلقى العلماء للحديث بالقبول يكفيه عن الإسناد، وكم من حديث يكتفى بصحته عن الإسناد، يكتفى بعمل العلماء في أقطار الدنيا؛ لأن هذه الأمة إذا عمل علماؤها في أقطار الدنيا بحديث دل على أن له أصلًا، واكتفي بذلك عن الإسناد". ١ أي: قول المعترضين، سابقًا: "ثم إن هذا الحديث ليس بصريح في القياس، إذ يحتمل أن يجتهد في تحقيق المناط" فأجاب المصنف: أنا لا نسلم ذلك الاحتمال؛ لأنه بين أنه يجتهد فيما ليس فيه نص من كتاب أو سنة، وهذا لا يسمى تحقيق المناط. ٢ في صحيحه: كتاب الأقضية، باب: بيان أجر الحاكم إذا اجتهد وأخطأ. كما رواه البخاري: كتاب الاعتصام، باب: أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ، وأبو داود: كتاب الأقضية، باب في القاضي يخطئ، من حديث عمرو بن العاص -رضي الله عنه- مرفوعًا. =