للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمقطوع ضربان:

أحدهما: أن يكون المسكوت عنه أولى بالحكم من المنطوق، وهو المفهوم١

ولا يكون مقطوعًا حتى يوجد فيه المعنى الذي في المنطوق وزيادة، كقولنا: إذا قبل شهادة اثنين، فثلاثة أولى، فإن الثلاثة: اثنان وزيادة.

وإذا نهى عن التضحية بالعوراء٢: فالعمياء أولى، فإن العمى: عوَر مرتين.

فأما قولهم: "إذا وجبت الكفارة في القتل الخطأ، ففي العمد أولى" و"إذا ردت شهادة الفاسق، فالكافر أولى"٣: فهذا يفيد الظن


١ أي: فحوى الخطاب، أو مفهوم الموافقة الأولوي كما سبق، وقد اختلف العلماء في تسميته قياسًا، والراجح أنه لا يسمى قياسًا، لأنه لا يحتاج إلى إعمال فكر واستنباط علة، كما أن المسكوت عنه أولى من المنطوق، فكيف يقاس عليه وهو أولى منه بالحكم. ولعل المسألة راجعة إلى الاصطلاح ولا مشاحة فيه. وقد سبق توضيح ذلك في مبحث المفاهيم.
٢ عن البراء بن عازب، رضي الله عنه: قال: قام فينا رسول الله -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- فقال: "أربع لا تجوز في الضحايا: العوراء البيّن عورها، والمريضة البيّن مرضها، والعرجاء البيّن ضَلَعُها، والكبيرة التي لا تنقي" أي: التي لا نقي لها وهو: المخ. رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. وحسنه الإمام أحمد وقال: ما أحسنه من حديث. انظر: سبل السلام "٤/ ٩٣".
قال الصنعاني: "والحديث دليل على أن هذه الأربعة العيوب مانعة من صحة التضحية، وسكت عن غيرها من العيوب، فذهب أهل الظاهر إلى أنه لا عيب غير هذه الأربعة. وذهب الجمهور إلى أنه يقاس عليها غيرها مما كان أشد منها أو مساويًا لها، كالعمياء ومقطوعة الساق" المصدر السابق.
٣ معنى ذلك: أن قياس القتل العمد على القتل الخطإ في وجوب الكفارة التي وردت في قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطًَا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ... } =

<<  <  ج: ص:  >  >>