للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من غير فهم السببية؛ لكونه تلبيسًا١ في دين الله.

والظاهر أن الصحابي يمتنع مما يحرم عليه في دينه، لا سيما إذا علم عموم فساد، فيظهر أنه فهم منه التعليل.

والظاهر أنه مصيب في فهمه، إذ هو عالم بمواقع الكلام ومجاري اللغة، فلا يعتقد السببية إلا بما يدل عليها، واللفظ مشعر به. ولا يحتاج إلى فقه الراوي، فإن هذا مما يقتبس من اللغة، دون الفقه٢.

الثاني:

ترتيب الحكم على الوصف بصيغة الجزاء يدل على التعليل به.

كقوله تعالى: {مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} ٣. {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} ٤، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} ٥. أي: لتقواه.

وقول النبي، صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "مَنِ اتَّخَذَ كَلْبًا إِلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ صَيْدٍ نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيراطَانِ" ٦.


١ التلبيس: المبالغة في الخلط. جاء في المصباح المنير مادة "لبس" ولبستُ الأمر لبسًا، من باب ضرب: خلطته. وفي التنزيل: {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: ٩] والتشديد مبالغة".
٢ قال الفتوحي في شرح الكوكب المنير "٤/ ١٢٧": "ولا فرق في العمل بذلك بين كون الراوي صحابيًّا أو فقيهًا أو غيرهما، لكن إذا كان صحابيًّا فقيهًا كان أقوى"
٣ سورة الأحزاب من الآية: "٣٠".
٤ سورة الأحزاب من الآية "٣١".
٥ سورة الطلاق من الآية "٢".
٦ أخرجه البخاري: كتاب الذبائح، باب: من اقتنى كلبًا ليس بكلب صيد أو ماشية، ومسلم: كتاب المساقاة، باب: الأمر بقتل الكلاب، والترمذي: أبواب الصيد، =

<<  <  ج: ص:  >  >>