وإن ظهرت المناسبة استغني عن التعرض للفارق. وإن كان السؤال من مناظر، فيكفي أن يقال: "القياس لتعدية حكم العلة من موضع إلى موضع، وما من تعدية إلا ويتوجه عليها هذا السؤال، فلا ينبغي أن يفتح هذا الباب". بل يكلف المعترض الفرق، أو التنبيه على مثار خيال الفرق، بأن يقول، مثلًا: "أخوّة الأم أثرت في الميراث في الترجيح؛ لأن مجردها يؤثر في التوريث، فلم قلت: "إذا استعمل في الترجيح ما يستقل بالتأثير، فيستعمل حيث لا يستقل". فتقبل المطالبة على هذه الصيغة، وهي أولى من إبدائه في معرض الفرق ابتداء. أما إذا لم ينبه على مثار خيال الفرق، وأصر على صرف المطالبة، فلا ينبغي أن يصطلح المناظرون على قبوله؛ لأنه يفتح بابًا من اللجاج لا ينسد. ولا يجوز إرهاقه إلى طلب المناسبة؛ فإن ما ظهر تأثيره بإضافة الحكم إليه فهو علة، ناسب أو لم يناسب". المستصفى "٣/ ٦١٥-٦١٦". ومعنى "خيال الفرق" أي: الفرق الذي يتخيله المناظر، وفي بعض النسخ "حبال" بالحاء ومعناه: الوسائل التي يلجأ إليها المناظر. ١ وتسمى بالإخالة، أي: الظن؛ لأن الحكم بمناسبة الحكم يظن أن الوصف علة لهذا الحكم، كما تسمى المصلحة، والاستدلال، ورعاية المقاصد، وتخريج المناط. والمناسبة في اللغة: الملائمة، يقال: الثوب الأبيض مناسب لصلاة الجمعة، أي: ملائم له.