للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله درجات في الميل إلى النقصان والزيادة لا تحصى، فمن سمع من عدل شيئًا سكنت نفسه إليه، فإن انضاف إليه ثان زاد السكون حتى يصير يقينًا، وبعض الناس يسمي هذا يقينًا أيضًا١.

[مدارك اليقين]

ومدارك النفس خمسة:

الأول- الأوليات:

وهي: العقليات المحضة التي قضى العقل بمجرده بها، من غير استعانة بحس وتخيل٢، كعلم الإنسان بوجود نفسه، وأن القديم ليس بحادث، واستحالة اجتماع الضدين، فهذه القضايا تصادف مرتسمة في النفس٣، حتى يظن أنه لم يزل عالمًا بها، ولا يدري متى تجدد، ولا يقف حصولها على أمر سوى مجرد العقل.


قال الشيخ ابن بدران: "كالمحدثين، فإنهم يسمون أكثر هذه الأحوال علمًا ويقينًا، حتى يطلقون بأن الأخبار التي تشتمل عليها الصحاح يجب العمل بها على كافة الخلق، إلا آحاد المحققين، فإنهم يسمون الحالة الثانية يقينًا ولا يميزون بين الحالة الأولى والثانية. والحق أن اليقين هو الأول، والثاني مظان الغلط". "نزهة الخاطر العاطر ١/ ٧٨".
٢ هذا التعريف للعقليات هو ما قاله الغزالي، وأخصر منه أن يقال: هي ما يجزم العقل فيها بمجرد تصور الطرفين، بديهيًّا كان التصور أو نظريًّا، وتتفاوت جلاءً وخفاءً.
٣ وضح الشيخ "ابن بدران" ذلك بقوله: "أي مرتبة في العقل عند وجوده، فيرتسم فيه الوجود -مثلًا- مفردًا، والحادث مفردًا، والقوة المفكرة تجمع هذه المفردات، وتنسب بعضها إلى بعض، مثل: أن تحضر أن القديم حادث، ويكذب العقل به، أو أن القديم ليس بحادث، ويصدق العقل به، ولا يحتاج إلا إلى ذهن ترتسم فيه المفردات، أو إلى قوة مفكرة تنسب بعض هذه المفردات =

<<  <  ج: ص:  >  >>