للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الميراث- عورض بنقيض قصده، فإنا لم نر الشارع التفت إلى مثل هذا في موضع آخر، فتبقى مناسبة مجردة غريبة.

وقد قصر قوم القياس على المؤثر١؛ لأن الجزم بإثبات الشارع الحكم رعاية لهذا المناسب تحكّم، إذ يحتمل أن يكون الحكم ثبت تعبدًا، كتحريم الميتة، والخنزير، والدم والحمر الأهلية، وكل ذي ناب من السباع، مع إباحة الضب والضبع.


= الموطأ -كتاب العقول- باب: ما جاء في ميراث العقل والتغليظ فيه عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن النبي -صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم- قال: "لا يرث القاتل" كما أخرجه أبو داود، كتاب الديات، باب ديات الأعضاء، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، كذلك أخرجه ابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
أما المبتوتة: وهي التي طلقها زوجها طلاقًا بائنًا في مرض الموت، فإنها ترث زوجها أثناء العدة ولا يرثها، وبه قال جمهور الصحابة وأكثر فقهاء المذاهب المتبوعة، والمشهور عن الإمام أحمد أنها ترثه في العدة وبعدها ما لم تتزوج. وقد صح عن عثمان -رضي الله عنه- أنه ورّث تماضر بنت الأصبغ الكلبية من عبد الرحمن بن عوف، وكان طلقها في مرضه فبتها. واشتهر ذلك في الصحابة فلم ينكر فكان إجماعًا. انظر: السنن الكبرى للبيهقي "٧/ ٣٦٢" والمغني "٩/ ١٩٤".
١ توضيح ذلك: أن بعض الأصوليين يرون أن القياس لا يصح إلا بالوصف المؤثر، دون الملائم والغريب، وحجتهم على ذلك: أنا لو أجزنا القياس بجامع غير مؤثر، للزم التحكم والترجيح بلا مرجح، وهذا لايجوز.
بيان ذلك: أنا لو قسنا النبيذ على الخمر-مثلًا- بعلة الإسكار، على تقدير عدم ورود النص على النبيذ، لاحتمل أن يكون تحريم الخمر تعبدًا غير معلل بعلة، كتحريم الخنزير والميتة والدم إلخ، واحتمل أن يكون تحريمها لوصف آخر لم يظهر لنا، واحتمل أن يكون للإسكار، وما دام التحريم محتملًا لهذه الأمور كان تعيين بعضها لإضافة التحريم إليه تحكمًا، بخلاف الوصف المؤثر، فإن تأثيره ثابت بالنص أو الإجماع، فلا تردد فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>