للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحتها؛ لجواز أن يكون الحكم ثابتًا تعبدًا، إذ لم يوجد من الدليل على صحتها إلا خلو المحل عما سواها.

والوجود المجرد لا يكفي في التعليل١.

وقول المستدل: بحثت في المحل فلم أعثر على ما يصلح للتعليل: ليس بأولى من قول خصمه: بحثت في الوصف الذي ذكرته، فلم أعثر فيه على مناسبة، أو ما يصلح به التعليل، فيتعارض الكلامان.

الأمر الثاني: أن يكون سبره حاصرًا لجميع ما يعلل به: إما بموافقة خصمه، وإما بأن يسير حتى يعجز عن إبراز غيره٢.


١ خلاصة قول أبي الخطاب، وارتضاه المصنف: أنه يشترط في السبر أن يكون الحكم مجمعًا على تعليله، ولا يكفي أن يكون مختلفًا فيه؛ لأن للخصم في هذه الحالة أن يقول: إن الحكم تعبدي ولا علة له، فيبطل القياس. إلا أن للطوفي تفصيلًا آخر حيث قال: "إن كان المستدل مناظرًا، أو خصمه منتميًا إلى مذهب ذي مذهب، كفاه موافقة الخصم على التعليل، ولم يعتبر الإجماع عليه من الأمة، وإن كان الخصم مجتهدًا، اعتبر الإجماع على تعليله، إذ المجتهد لا حجر عليه إلا بإجماع الأمة، إذ بدونه له أن يلزم التعبد في الأصل، ويفسد كل علة علل بها، أما إذا أجمع على كونه معللًا، لم يمكنه ذلك، لمخالفة الإجماع، وإن كان المستدل ناظرًا لا مناظرًا، اعتبر الإجماع على التعليل أيضًا؛ لأن غرضه ليس إفحام خصم، بل استخراج حكم، وذلك إنما يحصل بحصول غلبة الظن بأن العلة هذا الوصف، ولا يحصل ذلك مع وقوع الخلاف في تعليل الحكم، وفي هذا شيء لا يخفى". شرح المختصر "٣/ ٤٠٥-٤٠٦".
٢ وبذلك يكون الخصم قد سلّم بما ذكره المستدل.
فحاصل الأمر: أن موافقة الخصم على الحصر إما اختيارية بالتسليم، أو اضطرارية بعجزه عن الزيادة على ما ذكره المستدل من أوصاف، ولذلك يجب على الخصم التسليم بالحصر، أو إبراز ما عنده لينظر فيه المستدل فيفسده عليه، =

<<  <  ج: ص:  >  >>