للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك لو استدل على صحتها بسلامتها عن علة تفسدها، لم يصح؛ لما ذكرنا.

فإن قيل: دليل صحتها: انتفاء المفسد.

قلنا: بل دليل الفساد: انتفاء المصحح، ولا فرق بين الكلامين١.


١ عقد المصنف هذا الفصل للمسالك التي لا تصلح لإثبات العلة، والتي سماها الغزالي بالمسالك الفاسدة، ومنه أخذنا عنوان الفصل. والإمام الغزالي ذكر من المسالك الفاسدة ثلاثًا.
الأول: سلامة العلة عن علة تفسدها، وتقتضي نقيض حكمها.
الثاني: اطرادها وجريانها في حكمها.
الثالث: الطرد والعكس، وهو المعبر عنه بالدوران؛ فإنه لا يرى حجيته.
ولما كان المصنف يرى حجية الدوران، كما تقدم. فقد ذكر من المسالك الفاسدة نوعين فقط هما: الأول والثاني، وترك الثالث. إلا أنه في هذا الفصل خلط بين المسلكين في الاستدلال والمناقشة، الأمر الذي جعل كلامه غامضًا، حيث قدم وأخر، وكرر.
لذلك أنقل كلام الطوفي في هذه المسألة بنصه، باعتباره ملخصًا وشارحًا لكلام المصنف.
قال، رحمه الله تعالى: "لما بين الطرق الدالة على صحة العلة، أخذ يبين الطرق الفاسدة التي لا تدل على صحتها.
فمنها: اطرادها، لا يدل على صحتها، إذ معنى اطرادها: سلامتها عن النقض، وهو بعض مفسداتها وسلامتها عن مفسد واحد لا ينفي بطلانها بمفسد آخر، ككونها قاصرة، أو عدمية، أو طردية غير مناسبة عند من لا يرى التعليل بذلك.
وما مثال من يقول: هذه العلة صحيحة؛ لأنها ليست منتقضة، إلا مثال من يقول: هذا العبد صحيح سليم؛ لأنه ليس بأعمى، إذ جاز أن تنتفي سلامته ببرص أو عرج أو غيره.
وأيضًا: فإن صحة العلة حكم، والأحكام إنما تثبت صحتها بدليل الصحة، لا =

<<  <  ج: ص:  >  >>