للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمصلحة: جلب المنفعة، أو دفع المضرة، ولو أفردنا النظر إليها: غلب على الظن ثبوت الحكم من أجلها.

وإنما يختل ذلك الظن مع النظر إلى المفسدة اللازمة من اعتبار الوصف الآخر، فيكون هذا معارضًا؛ إذ هذا حال كل دليل له معارض.

ثم ثبوت الحكم مع وجود المعارض لا يعد بعيدًا.

ونظيره: ما لو ظفر الملك بجاسوس لعدوه، فإنه يتعارض في النظر اقتضاءان:

أحدهما: قلته؛ دفعًا لضرره.


= حتى صار يقول بعضهم: ما حرم الله شيئًا أشد من الخمر" الجامع لأحكام القرآن "٦/ ٢٨٦".
وعلى هذا فلا يكون في الآية دليل على مشروعية ما كان ضرره أكثر من نفعه، والأحكام الشرعية تدور مع الراجح وجودًا وعدمًا.
ولذلك أرى أن يقتصر الكلام في هذا المسلك على المفسدة المساوية للمصلحة فقط ويخرج منه ما كانت المفسدة فيه راجحة على المصلحة، وإن كان الشيخ الشنقيطي ينقل الاتفاق على عدم اعتبار ذلك في المفسدة المساوية والراجحة فيقول: "اعلم أن التحقيق في هذه المسألة: أن الخلاف فيها لفظي؛ لأن المصلحة إذا استلزمت مفسدة مساوية أو راجحة فإن الحكم لا ينبني على تلك المصلحة قولًا واحدًا؛ لأن الشرع لا يأمر باستجلاب مصلحة مؤدية لمفسدة أكبر منها أو مساويًا لها. ولكن الخلاف في المصلحة المعارضة بالمفسدة، هل هي منخرمة زائلة من أصلها أو هي باقية معارضة بغيرها، وهو اختيار المؤلف؟
فعلى أن المصلحة باقية، فعدم الحكم لوجود المانع، وعلى أنها زائلة فعدم الحكم لعدم المقتضى. ومن أمثلته: فداء أسرى المسلمين بالسلاح إذا كان يؤدي إلى قدرة الكفار بذلك السلاح على قتل عدد الأسارى أو أكثر من المسلمين".
مذكرة أصول الفقه ص٢٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>