للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.........................................................................


= دليل هذا المذهب: أن الأصل إذا لم يكن مجمعًا عليه جاز للمعترض أن يعلل الحكم في الأصل بعلة قاصرة لا تتعدى إلى الفرع.
فإن وافقه المستدل على ذلك انقطع القياس وبطل، لعدم وجود العلة في الفرع. وهذا معنى قول المصنف: "فإن ساعده ... إلخ".
وإن لم يوافقه على ذلك، بل علل بعلة أخرى متعدية بطل القياس أيضًا؛ لأن المعترض قد منع أن يكون ذلك الشيء علة للأصل، وبيّن أنه لا يوافق على أن هذه هي العلة، بل هي العلة التي لا تتعدى إلى الفرع، ويسمى ذلك بالقياس المركب.
والقياس المركب نوعان: مركب الأصل، ومركب الوصف.
أما مركب الأصل: فهو أن يتفق الخصمان على حكم الأصل وعلى كون الوصف المدعى أنه علة موجودًا فيه، ولكن كل واحد منهما يدعي له علة غير علة الآخر، كالاتفاق على تحريم الربا في البر، وعلى وجود وصف الكيل والطعم فيه، مع اختلافهم في العلة، هل هي الكيل أو الطعم؟
أما مركب الوصف: فهو أن يتفق الخصمان على حكم الأصل، ولكن المعترض يدعي عدم وجود العلة التي يدعيها المستدل. انظر: مذكرة الشيخ الشنقيطي ص٢٧٣-٢٧٤.
وقد مثل المصنف للقياس المركب الأصل بقياس العبد على المكاتب في عدم قتل الحر به قصاصًا، فيقال: العبد منقوص بالرق، فلا يقتل به الحر كالمكاتب فيقول المعترض: العبد يعلم مستحق دمه، وهو السيد بخلاف المكاتب فإنه لا يعلم مستحق دمه، هل وارثه، أو سيده الذي كاتبه؟ لأنه بالكتابة صار فيه شيئًا بين الحرية والرق، فإن أدّى عتق، ويكون مستحق دمه وارثه، كسائر الأحرار، وإن لم يؤد عاد رقيقًا، ويكون مستحق دمه سيده، كسائر العبيد.
فإن سلّم المستدل أن العلة في المكاتب هي عدم العلم بمستحق دمه -كما قال المعترض- امتنع قياس العبد عليه؛ لأن مستحق دمه معلوم. وإن لم يسلّم أن العلة هي عدم العلم بمستحق دمه، بل هي نقص الرق، منع المعترض أن ذلك هو العلة في المكاتب، بل هي ما ذكره، أو منع الحكم فيه فيقول: سلّمتُ أن العلة =

<<  <  ج: ص:  >  >>