للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* وقوله: «فَإِنَّ مُحَمَّدًا مِنْهُ بَرِيءٌ»: وهذا وعيد شديد يدلّ على أنّ هذه الأمور من الكبائر.

والأولى في أحاديث الوعيد إجراؤها على ظاهرها، من دون تعرض لها بتفسير، فهذا أبلغ في الزجر ولا تصرف عن ظاهرها بالتأويل، إلّا إذا خشي أن يفهمها البعض على ظاهرها في التكفير، فيكفِّر بها أهل المعاصي، كما هو مذهب الخوارج.

ومناسبة الحديث والشاهد منه: أنَّ النبيّ أخبر أنَّه بريء ممن تقلد وترًا دفعًا للضرّ؛ لأنَّ هذا من الشرك كما تقدم.

فائدة: قال صاحب فتح المجيد: «فإذا كان هذا فيمن تقلد وترًا، فكيف بمن تعلّق بالأموات وسألهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات، وما يترتب على ذلك من العبادة التي لا يستحقها إلّا ربُّ الأرض والسماوات، الذي جاء النهيّ عنه وتغليظه في الآيات المحكمات» (١).

وخامس الآثار: عن سعيد بن جبير قال: «مَنْ قَطَعَ تَمِيمَةً منْ إِنْسَانٍ، كَانَ كَعَدْلِ رَقَبَةٍ» (٢).


(١) فتح المجيد (١/ ٢٤٩).
(٢) قال صاحب التيسير (ص ١٣٥): وهذا الحديث … ظاهره الوقف، لكن له حكم الرفع عند العلماء؛ لأن مثل هذا لا يقال بالرأي، فيكون الحديث مرسلًا. ا. هـ
قلت: وفي هذا الكلام نظر لأمرين:
أولًا: أنَّ هذا إنما يقال في كلام الصحابي، الذي لا يقال مثله من قبيل الرأي، أما كلام التابعين فلا. انظر: فتح المغيث (١/ ١٥٠).
ثانيًا: أنه لا يقال في كلام التابعي أنّه مرفوع مرسل، إلا إذا كانت هناك قرينة تدلّ على رفعه كقول بعض الرواة - عند ذكر التابعي-: يرفعه مثلًا، أو كقول الراوي عن التابعي: من السنة كذا ونحوه، فيعتبر عندئذ له حكم المرفوع المرسل. والله أعلم.

<<  <   >  >>