أصحاب الأصنام، فقد ذكر ابن هشام:«أنَّ العرب قد اتخذت مع الكعبة طواغيت، وهي بيوتٌ تُعظَّمُ كتعظيم الكعبة، لها سدنةٌ وحُجَّابٌ، ويُهدى لها كما يُهدى للكعبة، ويُطاف بها ويُنحَرُ عندها، وهم يعرفون فضل الكعبة عليها؛ لأنَّهم كانوا يعرفون أنَّها بيت إبراهيم ﵈ ومسجده»(١).
المسألة السادسة: ذكر المصنّف في الباب حديث أبي واقد الليثي ﵁ قال: «خرجنا مع رسول الله ﷺ إِلَى حُنَيْنٍ وَنَحْنُ حُدَثَاءُ عَهْدٍ بِكُفْرٍ، ولِلْمُشْرِكِينَ سِدْرَةٌ يَعْكُفُونَ عِنْدَهَا، ويَنُوطُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُمْ، يُقَالُ لَهَا: ذَاتُ أَنْوَاطٍ، فَمَرَرْنَا بِسِدْرَةِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: اللهُ أَكْبَرُ، إنَّها السُّنَنُ، قُلْتُمْ -وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ- كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لموسى: ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾ [الأعراف، الآية (١٣٨)]، لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ «.
ومضمون الحديث: أنَّه لما فتح النبيُّ ﷺ مكّة خرج إلى حنين، وهو وادٍ بين مكّة والطائف -وكانت غزوة حنين في السنة الثامنة في شهر شوال وقصتها معروفة-، وكان معه الصحابة، ومعه قومٌ قريبوا عهدٍ بكفر -كما قال أبو واقد ﵁ وإنّما قال هذا ليعتذر عن طلبهم وسؤالهم، إذ إنَّ غيرهم لا يجهل ذلك، ولو وقر الإيمانُ في قلوبهم لما سألوا هذا، وكان للمشركين سدرةٌ يعكفون عندها ويلزمون مكانها تبركًا بها، وكانوا أيضًا يُعَلِّقون عليها أسلحتهم طلبًا للبركة.
فلما رأى هؤلاء القومُ حدثاءُ العهد بالإسلام تلكَ السدرةَ أعجبهم عملُ المشركين، وظنّوا أنَّ هذا الأمرَ سائغٌ، فطلبوا من النبيّ ﷺ أن يجعل لهم