شجرة مثلها يُعَلِّقون عليها ويعكُفون حولها -وهم قصدوا بهذا التقرُّبَ إلى الله - فقال النبيّ ﷺ:«اللهُ أَكْبَرُ» تعجبًا واستعظامًا له وتنزيهًا لله عن هذا العمل، إذ كيف يقولون هذا وهم آمنوا بأنَّه لا إله إلّا الله؟! ولكن:«إنَّها السُّنَنُ»، والسنن: الطرق، أي: أنَّ السبب الذي أوقعكم في هذا هو التشبُّه، فقاس الرسول ﷺ ما قاله الصحابة على ما قالته بنو إسرائيل لموسى وطلبوه منه، حيث إنَّه لما نجاهم الله وأغرق فرعون وقومه مروا في طريقهم على قوم يعكفون على أصنام لهم، فقالوا: يا موسى ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾، فقال موسى;: ﴿إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾، أي: أنَّ الذي أوقعكم في هذا هو جهلكم بالتوحيد، وعلى هذا فالتشبه بالكفار في عبادتهم وتقاليدهم أمرٌ خطير.
بل إنَّ أوَّل حدوث الشركِ في جزيرة العرب إنما كان بسبب التشبّه بالكفار، حين ذهب عمرو بن لُحَيّ إلى الشام فوجدهم يعبدون الأصنام فأعجبه ذلك، فجلبها إلى الحجاز.
فإن قيل: الآية: ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾ فيها طلبُ إله من دون الله، أمّا الصحابة فإنَّهم إنما طلبوا شجرة يعلقون عليها، فكيف يكونان سواء؟!
فالجواب: طلبُ هؤلاء الصحابة من النبيّ ﷺ، هو من جنس مطلق المشابهة للكفار، لا أنَّها مماثلة في الشرك بعينه.
قال ابن تيمية:«فأنكر النبيّ ﷺ مجرّد مشابهتهم للكفار في اتخاذ شجرة يعكفون عليها، معلّقين عليها سلاحهم، فكيف بما هو أعظم من ذلك من مشابهتهم المشركين، أو هو الشرك بعينه؟»(١).