للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الشاطبي: «فإنَّ اتخاذ ذات أنواط يشبه اتخاذ الآلهة من دون الله، لا أنَّه هو بنفسه» (١).

والمراد: أنَّ مجرد مطلق المشابهة بين الفريقين لا تُخرِجُ من الملة، فالصحابة طلبوا ولم يفعلوا، ثم إنهم كانوا حدثاء بكفر (٢).

ومناسبة الحديث للباب ووجه الشاهد منه: أنَّ النبيّ أنكر على هؤلاء طلبهم التبرك بالأشجار، وجعله مثلَ طلب بني إسرائيل أن يكون لهم إلهٌ، فهذا مثلُ هذا وإن اختلف اللفظ، فاختلاف الألفاظ لا يؤثر مع اتفاق المعنى، وحينها يقال: من طلب البركة من شيء ولم يثبت أنَّ فيه بركة، فإنَّ فعله محرم ولا يجوز.

* وإذا تقرر هذا فثمة فوائد تؤخذ من الحديث، أهمها اثنتان:

١) أنَّ تعظيم غير المعظم قد يوقع في الشرك، حينما يغلو المرء به.

قال الشيخ سليمان بن عبد الله: «فإذا كان اتخاذ شجرة؛ لتعليق الأسلحة والعكوف عندها اتخاذ آلهة مع الله، مع أنَّهم لا يعبدونها ولا يسألونها، فما الظنُّ بما حدث مِنْ عُبَّادِ القبور مِنْ دُعاء الأموات والاستعانة بهم والذبح والنذر والطواف بقبورهم، وتقبيل أعتابها وجدرانها والتمّسح بها وجعل السدنة والحجّاب لها؟! وأي شبهٍ بين هذا وبين تعليق الأسلحة على شجرة تبركًا» (٣).

وأهل القبور يقولون: إنَّ فعلهم هذا ليس بشرك، وإنّما هو توسلٌ ومحبة


(١) الاعتصام (٢/ ٢٤٦).
(٢) انظر: التعليق على فتح المجيد للشيخ عبد العزيز العبد اللطيف (ص: ١٢).
(٣) تيسير العزيز الحميد (١٤١).

<<  <   >  >>