للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ب- لعنُ الفاسقِ المعيّن: فالذي عليه أكثر العلماء، واختاره ابن تيمية (١)، أنَّه لا يجوز لعن الفاسق المعين، وإنما يُلعَنُ من اتصف بهذا الوصف، فلو رأيت من يشرب الخمر فليس لك أن تقول: لعنك الله، بل تقول: لعن الله شارب الخمر.

* ويدل لذلك: أن النبيّ لعن شارب الخمر، ولما أُتي بأحد الصحابة يشرب الخمر قال رجل من الصحابة: اللَّهُمَّ العَنْهُ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ : «لَا تَلْعَنُوهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» (٢)، وقد كان الإمام أحمد يكره لعن المعيّن، كالحجاج ويزيد بن معاوية، ويقول: «ألا لعنة الله على الظالمين».

* وأما الحديث الثاني: فهو حديث طارق بن شهاب أن رسول الله قال: «دَخَلَ اَلْجَنَّةَ رَجُلٌ فِي ذُبَابٍ وَدَخَلَ اَلنَّارَ رَجُلٌ فِي ذُبَابٍ، قَالُوا: وَكَيْفَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ؟ قَالَ: مَرَّ رَجُلَانِ عَلَى قَوْمٍ لَهُمْ صَنَمٌ لَا يَجُوزُهُ أَحَدٌ حَتَّى يُقَرِّبَ لَهُ شَيْئًا، فَقَالُوا لِأَحَدِهِمَا: قَرِّبْ، قَالَ: لَيْسَ عِنْدِي شَيْءٌ أُقَرِّبُهُ، قَالُوا لَهُ: قَرِّبْ وَلَوْ ذُبَابًا، فَقَرَّبَ ذُبَابًا، فَخَلُّوا سَبِيلَهُ، فَدَخَلَ اَلنَّارَ، وَقَالُوا لِلْآخَرِ: قَرِّبْ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأُقَرِّبَ لِأَحَدٍ شَيْئًا دُونَ اَللَّهِ ﷿، فَضَرَبُوا عُنُقَهُ، فَدَخَلَ اَلْجَنَّةَ»، وهذا الحديث عزاه المصنف لأحمد، وليس هو في المسند، وإنما أخرجه أحمد في الزهد.

وطارق بن شهاب: صحابيٌ على الصحيح وقول الأكثر، وقد قال عن نفسه: «رأيت النبيّ وغزوت في خلافة أبي بكر»، ومات سنة (٨٣ هـ)، وقد رواه طارق عن سلمان عن النبيّ ، كما بينتُ ذلك في تخريج


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٤/ ٤٨٤)، (٦/ ٥١١)، ومنهاج السنة النبوية (٤/ ٥٧٠: ٥٦٧).
(٢) أخرجه البخاري (٦٧٨٠) من حديث عمر بن الخطاب.

<<  <   >  >>