والضمير في الآية يعود إلى مسجد الضرار، وقصته: «أن أبا عامر الفاسق كان قد قرأ الكتب السابقة في الجاهلية، وتعبد حتى صار يسمى أبا عامر الراهب، وكان يعظمه الناس لما يظهر عليه من الدين، فلما هاجر النبيُّ ﷺ إلى المدينة حسده أبو عامر وكفر به وأبغضه، وسمّاه رسول الله ﷺ أبا عامر الفاسق؛ لأنَّه خرج عن طاعة الله وكفر بالرسول، ثم إنَّه ذهب إلى الشام يؤلب النصارى على رسول الله، وكتب وهو في الشام إلى جماعة من المنافقين في المدينة أن ابنوا لنا مكانًا من أجل أن نجتمع فيه ونتشاور (١)، وهم يريدون بهذا المكان ما ورد في الآية:
١ - مضارةً لمسجد قباء. ٢ - التفريق بين المؤمنين.
٣ - الكفر بالله؛ لأنَّه يقرر فيه الكفر، والذي اتخذه المنافقون.
٤ - يكون إرصادًا لمن حارب الله ورسوله.
فأظهروه بصورة المسجد، وقالوا: بنيناه من أجل الضعيف والمريض والليلة المطيرة والشاتية، وطلبوا من الرسول ﷺ أن يصلي فيه؛ كي يعطوه الصبغة الشرعية، فاعتذر بأنه على سفرٍ إلى تبوك، وإذا رجع سيصلي فيه، فلما رجع ولم يبق على المدينة إلا ليلة أو ليلتان أتاه الوحي من السماء بهذه الآيات، وفيها: ﴿لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا﴾، ففيها تيئيس للمنافقين أنَّه لن يقوم فيه أبدًا.
ووجه الدلالة من الآية: أنَّ الله منع رسوله من الصلاة في مسجد الضرار؛ لأنَّه مؤسَسٌ لمقاصد خبيثة، مع أنَّ صلاة النبيّ فيه لله، فكذلك المواضع المعدّة للذبح لغير الله لا يذبح فيه الموحد لله؛ لأنَّها أسست على معصية