للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما الثاني: فهو الذي فيه الترغيبُ والثناءُ على الموفين.

وإنما قلنا هذا الجمع لأمرين:

١ - أنَّ نفس الأحاديثِ فيها قرينةٌ واضحةٌ دالةٌ عليه، وهو ما تكرر منها أنَّ النذر لا يردُّ شيئًا مِنْ القدر ولا يُقدِّمُ ولا يؤخّر، فهذا دليلٌ أنَّه أراد بالنذر جلب نفع أو دفع ضرّ.

٢ - أنَّ الجمع بين النصوص واجبٌ ما أمكن، وهذا جمعٌ ممكن واضح (١).

فإن قيل: النذر المعلق بشرط إذا ذكرتم أنَّه منهي عنه، فكيف يجب الوفاء به؟

* أجيب عن هذا: بأن الأحاديث دلت على النهي عنه، كما هو معلوم، ودلت على لزوم الوفاء به بعد الوقوع بدلالة قوله : «وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ» (٢)، فهذا نصٌ صريحٌ أن البخيل يلزمه إخراج ما نذر على إخراجه.

كذا قيل، ولكن يبقى أنَّ في النذر المطلق إلزامٌ للنفس مالم يجب عليها، فالأولى عدم النذر؛ لأنَّه ربما ألزم الإنسان نفسه فعجز عن ذلك.

وقد أشار ابن تيمية إلى التفريق بين النذر المعلق، وبين أن ينذر قربة لله تعالى، فالأوّل منهي عنه، والثاني محبوبٌ مشروع، حيث قال : «وأما إذا نذر القُرَبَ فالقُرَبُ يحبها الله ورسوله، وإنما يُنهى عن النذر لاعتقاد أنَّه يقضي حاجته، لا كون المنذور مكروها» (٣)، وقال أيضًا: «والنذر ما يُقصد


(١) وهذا قرره الشنقيطي . انظر: أضواء البيان (٥/ ٤٦٢).
(٢) أخرجه البخاري (٦٦٠٨)، ومسلم (١٦٣٩) من حديث ابن عمر.
(٣) اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٦٥٣).

<<  <   >  >>