للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

على أنَّها عبادةٌ، وإذا كانت عبادةً فصرفُها لغير الله شرك.

المسألة الخامسة: كيف يكون النذر للقربة منهيًا عنه، ويكون عبادةً في نفس الوقت يُمدح الموفي به؟

=فقال بعض العلماء: أنَّ عقد النذر كلّه منهيّ عنه، وأما ثناء الله فهو على من وفى به، وفرقٌ بين عقدِه والوفاءِ به (١).

القول الثاني: أن نذر القربة على نوعين:

١. نذرٌ مقيدٌ: وهو ما عُلِّقَ على حصول نفعٍ، كقول: إن شفى الله مريضي فعلي لله كذا.

٢. نذرٌ مطلقٌ: وهو ما ليس معلقًا على نفع الناذر، كأن يتقرب إلى الله تقربًا خالصًا بنذر كذا من أنواع الطاعة بلا تقييد، كقوله: لله علي نذرٌ أن أصلي ركعتين، وهذا ليس في مقابلة شيء يحدث له.

أما الأول: فهو المنهي عنه؛ لأنَّه لم يقع خالصًا للتقرب إلى الله، وإنما بشرط حصول نفع الناذر، ولذا قرّر العلماء أنَّ مَنْ ظنَّ أنَّه لا تحصل له حاجةٌ من حاجاته إلا بالنذر، فإنَّه اعتقاد محرم؛ لأنَّه ظنَّ أنَّ الله لا يعطي إلا بمقابل، وهذا سوءُ ظنٍّ بالله وسوءُ اعتقادٍ فيه، بل هو المتفضل المنعم على خلقه (٢).


(١) القول المفيد (١/ ٢٤٨).
(٢) قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (١/ ٢٠٤): إنَّ كثيرا من الناس ينذرون نذرًا لحاجة يطلبها، فيقضي الله حاجته، فيظن أن النذر كان السبب … فمن ظن أن حاجته إنما قضيت بالنذر، فقد كذب على الله ورسوله.

<<  <   >  >>