للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجنة يدل على أن النذر عبادة، فصرفُها لغيره شرك.

* وأما الآية الثانية: فقوله تعالى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ﴾ [البقرة، الآية (٢٧٠)].

والمعنى: أنَّ الله يُخبِرُ أنَّه يعلم جميع ما يفعله العاملون من الخيرات من النفقات والمنذورات، وتضمن ذلك مجازاته على ذلك أوفى الجزاء للعاملين ابتغاء وجهه، إذ إنَّ تعليق الشيء بعلم الله دليلٌ على أنَّه محلُ جزاءٍ منه سبحانه.

* ووجه الدلالة من الآية، ومناسبتها للباب، من وجهين:

١. أنَّ الله قرن النذر بالنفقة في سبيل الله، فدلَّ على أنَّ النذر طاعةٌ وعبادةٌ.

٢. أن الله قال ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ﴾ وهذا فيه الحث على الوفاء بالنذر، فدلَّ على أنَّه طاعة وأنَّه لا يضيع عند الله، وإذا كان كذلك فصرفه لغير الله شرك (١).

* وأما الحديث: فهو ما في الصحيح عن عائشة أنَّ رسول الله قال: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ».

ومعنى الحديث: أنَّ النبيّ أمر مَنْ صدر منه نذرٌ أن ينظر في نذره، فإن كان نذر طاعة فليوفِ به، وإن كان نذر معصيةٍ فليترك نذره، ولا يعصِ الله بالوفاء بالنذر، وقد قال : «وَاللَّهِ، لَأَنْ يَلِجَّ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ فِي أَهْلِهِ، آثَمُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَنْ يُعْطِيَ كَفَّارَتَهُ الَّتِي افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ» (٢).

ووجه الشاهد من الحديث: أن كون النذر يكون طاعةً ويكون معصيةً دليلٌ


(١) إعانة المستفيد (١/ ٢٥٢).
(٢) أخرجه البخاري (٦٦٢٥)، ومسلم (١٦٥٥) من حديث أبي هريرة.

<<  <   >  >>