للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلى شيء يعصمك منه، ولهذا سُمِّي المُستعاذ به مَعاذًا وملجأ (١)، وذكر العلماء أنَّ العياذ يكون لدفع الشر، واللياذ يكون لطلب الخير (٢).

أما الاستعاذة بالله فقد عرَّفها ابن كثير بقوله: «هي الالتجاء إلى الله والالتصاق بجنابه من شر كل ذي شر». ا. هـ (٣).

فالعائذ بالله قد هرب ممن يؤذيه أو يُهلِكُه إلى ربّه ومالكه، وفرَّ إليه، وألقى نفسه بين يديه، واعتصم به، واستجار به، والتجأ إليه.

والاستعاذةُ بالله عبادةٌ من أجلِّ العبادات، أمر الله بها في آيات كثيرة، منها: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾ [الأعراف، الآية (٢٠٠)]، ﴿وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ﴾ [المؤمنون، الآية (٩٧)]، ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ [الناس، الآية (١)]، ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [غافر، الآية (٥٦)].

وأما المراد بهذه الترجمة: فهي في الكلام على الاستعاذة بغير الله، وبيان


(١) بدائع الفوائد، لابن القيم (٢/ ٢٠٠).
(٢) كما قال المتنبي:
يا من ألوذ به فيما أؤمله … ومن أعوذ به ممن أحاذره
لا يجبر الناس عظما أنت كاسره … ولا يهيضون عظما أنت جابره
ذكر ابن كثير هذين البيتين في البداية والنهاية (١١/ ٢٧٥)، وقال: وقد بلغني عن شيخنا العلامة شيخ الإسلام ابن تيمية أنه كان ينكر على المتنبي هذه المبالغة في مخلوق، ويقول: إنما يصلح هذا لجناب الله وأخبرني العلامة شمس الدين ابن القيم أنه سمع الشيخ تقي الدين المذكور يقول: ربما قلت هذين البيتين في السجود أدعو الله بما تضمناه من الذل والخضوع.
(٣) تفسير ابن كثير (١/ ١١٤).

<<  <   >  >>