للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنَّها تكون شركًا إذا كانت في أمرٍ لا يقدر عليه إلّا الله، كما سيأتي تفصيله.

ومناسبة الباب للتوحيد: من جهة أنَّ الاستعاذة عبادة، وإذا كانت عبادة فصرفها لا يكون إلا لله، وصرفها لغيره شرك، وهذا موضوع كتاب التوحيد.

المسألة الثانية: نصوص الباب: ذكر المؤلف مستدلًا على الترجمة آيةً وحديثًا.

أما الآية: فقوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ [الجن، الآية (٠٦)].

* وقوله: ﴿يَعُوذُونَ﴾: أي يلجئون إليهم ويعوذون بهم رهقًا وذُعرًا وإثمًا.

* ﴿الْجِنِّ﴾: عالمٌ من عالم الغيب يعيشون في الأرض، أعطاهم الله القدرة على أن يتصوروا بصورٍ متشكلة، وهم مخلوقون من نارٍ، وسُموا جِنًّا؛ لاجتنانهم، أي: استتارهم عن الأنظار، ومنه سُمِّي الجنينُ في بطن أمِّه جنينًا؛ لأنَّه لا يُرى.

والآية: ذكر فيها الله خبر الجن الذين استمعوا للقرآن من النبيّ وآمنوا به، وكان هذا في وادي نخلةَ بين مكة والطائف وهو يصلي الفجر (١)، فذكروا الانتقادات التي انتقدوها على قومهم من الجن، ومنها: أن الاستعاذة بهم من قِبَلِ بعض الإنس كانت تزيدهم رهقًا وعتوًا.

وسبب نزولها: أنَّ العرب كانوا في الجاهلية إذا نزلوا منزلًا قال أحدهم: أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه، فكانوا يستعيذون بهؤلاء الجن، فزادوهم رهقًا، وهذا مع أن الاستعاذة بالجن هنا هو في أمرٍ يقدرون عليه


(١) أخرجه البخاري (٧٧٣)، ومسلم (٤٤٩)، من حديث ابن عباس.

<<  <   >  >>